السؤال :
مَنْ هُمْ أُولُو الأَمْرِ المَقْصُودُونَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11716
 2022-01-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَكَمَا تَجِبُ طَاعَةُ اللهِ تعالى، وَطَاعَةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، تَجِبُ طَاعَةُ أُولِي الأَمْرِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِذَا جَاءَ أَمْرٌ مِنْ أُولِي الأَمْرِ مُخَالِفًا لِمَا في كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُخَالَفًا لِمَا في سُنَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَا طَاعَةَ، وَذَلِكَ لِمَا روى الإمام البخاري عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ».

وَلِمَا روى الإمام أحمد عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».

لِأَنَّ الكُلَّ خَطَّاءٌ بَعْدَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ هَذَا أولًا.

ثانيًا: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ في تَعْرِيفِ أُولِي الأَمْرِ الذينَ تَجِبُ طَاعَتُهُمْ في غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُمُ الحُكَّامُ وَالوُلَاةُ وَالأُمَرَاءُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُمُ العُلَمَاءُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالعَارِفُونَ وَأَهْلُ القُرْآنِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُمْ أُولُو الرَّأْيِ وَالعَقْلِ الذينَ يُدِيرُونَ أُمُورَ النَّاسِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالمَقْصُودُ بِأُولِي الأَمْرِ في الآيَةِ بِشَكْلٍ عَامِّ، الذينَ يَأْمُرُونَ رَعِيَّتَهُمْ مَهْمَا كَانَتْ بِطَاعَةِ اللهِ تعالى، وَبِطَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَالذي أَرَاهُ أَنَّهُمْ هُمُ الذينَ انْدَرَجُوا تَحْتَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا، وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

فَكُلُّ رَاعٍ اسْتَرْعَاهُ اللهُ تعالى رَعِيَّةً، وَجَبَ عَلَى الرَّعِيَّةِ طَاعَتُهُ، مَا دَامَتْ أَوَامِرُهُ وَنَوَاهِيهِ مُوَافِقَةً للكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِلَّا فَلَا طَاعَةَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ، مِنْ أَيِّ الأَصْنَافِ كَانَ. هذا، والله تعالى أعلم.