السؤال :
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الذي يَنْظُرُ إلى النَّاسِ بِاحْتِقَارٍ، وَهُوَ مِمَّنْ يَتَظَاهَرُ بِتَمَسُّكِهِ بِدِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَقُولُ: النَّاسُ كُلُّهُمْ هَلْكَى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11718
 2022-01-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ الحُكْمَ عَلَى هَذَا الإِنْسَانِ إِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ».

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا أَدْرِي، أَهْلَكَهُمْ بِالنَّصْبِ، أَوْ أَهْلَكُهُمْ بِالرَّفْعِ.

يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: رُوِيَ أَهْلَكُهُمْ، بِرَفْعِ الكَافِ وَفَتْحِهَا، وَالمَشْهُورُ الرَّفْعُ.

فَإِذَا كَانَتْ بِالفَتْحِ، يَكُونُ المَعْنَى: هُوَ الذي أَهْلَكَهُمْ، وَهُمْ بِإِذْنِ اللهِ تعالى لَيْسُوا بِهَالِكِينَ، إِنَّمَا هَذَا في نَظَرِهِ، وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.

وَإِذَا كَانَتْ بِالضَّمِّ، فَيَكُونُ المَعْنَى: هُوَ أَشَدُّهُمْ هَلَاكًا، بِسَبَبِ غُرُورِهِ وَاسْتِكْبَارِهِ وَاسْتِعْلَائِهِ عَلَى الآخَرِينَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَهَذَا الرَّجُلُ الذي يَعِيبُ النَّاسَ، وَيَذْكُرُ مَسَاوِئَهُمْ، وَيَقُولُ الذي يَقُولُ في حَقِّهِمْ، هُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُمْ فِيمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الإِثْمِ في عَيْبِهِمْ وَالوَقِيعَةِ فِيهِمْ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى عُجْبِهِ وَغُرُورِهِ بِنَفْسِهِ، وَرُؤْيَتِهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ حَالًا مِنْهُمْ، وَأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُمْ، فَيَكُونُ بِذَلِكَ (أَهْلَكُهُمْ).

وَأَمَّا إِذَا كَانَ قَوْلُهُ تَحَزُّنًا عَلَى النَّاسِ لِمَا يَرَى مِنْ تَقْصِيرِ النَّاسِ في دِينِهِمْ، وَيَتَحَسَّرُ عَلَيْهِمْ، وَيَدْعُو اللهَ تعالى لَهُمْ بِالهِدَايَةِ، وَيُقَدِّمُ لَهُمُ النُّصْحَ وَالإِرْشَادَ، فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ. هذا، والله تعالى أعلم.