السؤال :
إِنْسَانٌ قَدَّمَ لِي هَدِيَّةً، وَأَنَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَبِيعَ هَذِهِ الهَدِيَّةَ، فَقَالُوا لِي: الهَدِيَّةُ لَا تُهْدَى وَلَا تُبَاعُ، فَهَلْ هَذَا الكَلَامُ صَحِيحٌ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11794
 2022-02-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالهَدِيَّةُ مَشْرُوعَةٌ شَرْعًا، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا.

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أُهْدِيَتْ لِي ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ، وَلَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ».

وَالهَدِيَّةُ تُذْهِبُ الضَّغِينَةَ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَهَادَوْا، فَإِنَّ الهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ ـ وفي رِوَايَةٍ: تُذْهِبُ وَغَرَ الصَّدْرِ ـ وَلَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ شِقَّ فِرْسِنِ شَاةٍ».

وَرَوَى البَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا».

وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بِهَا ـ أَوْ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ ـ مَرْضَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

هَذَا أَوَّلًا.

ثانيًا: إِذَا تَمَّ قَبْضُ الهَدِيَّةِ، فَالمُهْدَى لَهُ صَارَ حُرَّ التَّصَرُّفِ فِيهَا، هَدِيَّةً أَو بَيْعًا، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَحْمٍ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِذَا قُدِّمَتْ هَدِيَّةٌ لِإِنْسَانٍ، حَتَّى وَلَو كَانَتْ صَدَقَةً، وَقَبَضَهَا، تَحَوَّلَتْ مِنْ كَوْنِهَا صَدَقَةً إلى مِلْكٍ لَهُ، وَهُوَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا يَشَاءُ وَفْقَ شَرْعِ اللهِ تعالى.

وَأَمَّا قَوْلُ النَّاسِ: الهَدِيَّةُ لَا تُهْدَى وَلَا تُبَاعُ؛ فَغَيْرُ صَحِيحٍ شَرْعًا. هذا، والله تعالى أعلم.