الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدِ ابْتُلِيَتِ الأُمَّةُ اليَوْمَ بِالتَّشَبُّهِ بِغَيْرِهَا مِنَ الأُمَمِ التي هِيَ دُونَهَا، وَانْطَبَقَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ حَدِيثُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ».

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟

قَالَ: «فَمَنْ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وفي رِوَايَةٍ للترمذي عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ اللهِ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ». هذا أولًا.

ثانيًا: انْتِسَابُ المَرْأَةِ لِغَيْرِ نَسَبِ أَبِيهَا حَرَامٌ شَرْعًا، وَلَا يَجُوزُ، وَكَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَخَاصَّةً إِذَا أَنْكَرَتْ نَسَبَ أَبِيهَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا ليْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا، وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُوُّ اللهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَذِكْرُ الرَّجُلِ في الحَدِيثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الغَالِبِ، فَالمَرْأَةُ مَشْمُولَةٌ في الحَدِيثِ.

وروى الإمام مسلم عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ».

وروى الشيخان عَنْ سَعْدٍ، وَأَبِي بَكْرَةَ كِلَاهُمَا يَقُولُ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَانْتِمَاءُ المَرْأَةِ لِنِسْبَةِ زَوْجِهَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُنْكِرُ نِسْبَتَهَا لِأَبِيهَا وَعَائِلَتِهَا، لِأَنَّ في ذَلِكَ تَشَبُّهًا بِغَيْرِ المُسْلِمِينَ، وَفِيهِ تَلْبِيسٌ عَلَى النَّاسِ، فَعَلَى المَرْأَةِ أَنْ تَنْتَسِبَ إلى عَائِلَتِهَا لَا إلى عَائِلَةِ زَوْجِهَا، وَتَقُولَ: أَنَا زَوْجَةُ فُلَانٍ. هذا، والله تعالى أعلم.