السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ تَرْكُ السُّنَّةِ أَحْيَانًا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11351
 2021-07-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ إِنْ كَانَ المَقْصُودُ بِهِ تَرْكَ طَرِيقَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهَدْيِهِ، فَهَذَا أَمْرٌ خَطِيرٌ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» رواه الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَإِنْ كَانَ القَصْدُ تَرْكَ سُنَنِ الصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَاتِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ، فَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَافِظُ عَلَى السُّنَنِ حَتَّى في سَفَرِهِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَهَذَا الكَلَامُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَفِيهِ خُطُورَةٌ، بَلْ عَلَى العَكْسِ مِنْ ذَلِكَ تَمَامًا، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ، عَلَيْنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى جَمِيعِ السُّنَنِ مَا اسْتَطَعْنَا إلى ذَلِكَ سَبِيلًا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الجَنَّةِ» رواه الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُتَمَسِّكُ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُ السُّنَّةِ أَحْيَانًا لِظُرُوفٍ طَارِئَةٍ، كَمَنْ يَخْشَى عِنْدَ فِعْلِهِ السُّنَّةَ أَنْ يُسَبِّبَ لَهُ أَو لِغَيْرِهِ فَوْتَ مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَكْبَرَ، أَو يُؤَخِّرَ أُنَاسًا عَنْ وَاجِبٍ  مِنَ الوَاجِبَاتِ، كَالمُسَافِرِينَ.

وَمَنْ يَقُولُ: إِنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ مِنَ السُّنَّةِ خَشْيَةَ أَنْ يَظُنَّ النَّاسُ أَنَّهَا فَرِيضَةٌ، فَهَذَا أَمْرٌ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ، لِأَنَّ شَرِيعَةَ اللهِ تَمَّتْ بِفَضْلِ اللهِ تعالى، وَلَا تَبْدِيلَ وَلَا تَغْيِيرَ في أَحْكَامِهَا بَعْدَ قَبْضِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. هذا، والله تعالى أعلم.