السؤال :
هَلْ يُعْتَبَرُ الطِّفْلُ المَجْهُولُ نَسَبُهُ بِمَنْزِلَةِ اليَتِيمِ، وَيَنَالُ كَافِلُهُ أَجْرَ كَفَالَةِ اليَتِيمِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12067
 2022-07-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَاليَتِيمُ هُوَ مَنْ فَقَدَ أَبَاهُ قَبْلَ سِنِّ التَّكْلِيفِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: كَفَالَةُ اليَتِيمِ وَالإِحْسَانُ إِلَيْهِ مِنْ أَعْظَمِ القُرُبَاتِ عِنْدَ اللهِ تعالى، وَهِيَ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ، قَالَ تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾.

وَكَفَالَةُ اليَتِيمِ سَبَبُ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ، بَلْ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ القُرْبِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا» وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَجْهُولُ النَّسَبِ في حُكْمِ اليَتِيمِ، لِفَقْدِهِ لِوَالِدَيْهِ، وَهُوَ أَشَدُّ حَاجَةً للعِنَايَةِ وَالرِّعَايَةِ مِنْ مَعْرُوفِ النَّسَبِ، فَمَنْ قَامَ بِرِعَايَةِ طِفْلٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ في الأَجْرِ المَوْعُودِ بِهِ كَافِلُ اليَتِيمِ.

لَكِنْ يَجِبُ التَّنَبُّهُ إلى أَنَّ مَنْ يَكْفُلُ مَجْهُولَ النَّسَبِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْسِبَ هَذَا الطِّفْلَ إِلَيْهِ، أَو أَنْ يُضِيفَهُ إلى بِطَاقَتِهِ العَائِلِيَّةِ، لِأَنَّ في ذَلِكَ ضَيَاعًا للأَنْسَابِ، وَضَيَاعَ حُقُوقِ التَّرِكَاتِ، وَإِذَا دَخَلَ هَذَا الطِّفْلُ أَو هَذِهِ الطِّفْلَةُ في سِنِّ التَّكْلِيفِ فَهُوَ أَو هِيَ أَجْنَبِيَّانِ عَنِ الكَافِلِ، إِلَّا إِذَا حَصَلَ رَضَاعٌ لَهُ أَو لَهَا مِنْ قَرِيبَةٍ مِنْ قَرِيبَاتِ الكَافِلِ. هذا، والله تعالى أعلم.