السؤال :
مَا رَأْيُكُمْ في شَابٍّ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَبَعْدَ زَوَاجِهِ بِشَهْرٍ سَوْفَ يُسَافِرُ، وَيَغِيبُ عَنْ زَوْجَتِهِ سَنَةً وَأَكْثَرَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12167
 2022-09-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالغَايَةُ مِنَ الزَّوَاجِ إِعْفَافُ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَنِ الحَرَامِ، وَأَنْ يُحَقِّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السَّكَنَ للآخَرِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

وَغِيَابُ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً فِيهَا مَا فِيهَا مِنَ المَفَاسِدِ، وَلَا يَنْبَغِي للزَّوْجِ أَنْ يَغِيبَ عَنْ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِلَّا إِذَا رَضِيَتْ، وَأَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنَ الفِتْنَةَ، رَوَى البَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ:

تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَاسْوَدَّ جَانِبُهْ   ***   وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا حَـبِيبَ أُلَاعِبُـهُ

فَـوَاللهِ لَـوْلَا اللهُ لَا شَـيْءَ غَيْرُهُ   ***   لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُـهُ

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَمْ أَكْثَرُ مَا تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا؟

فَقَالَتْ: سِتَّةُ أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ.

فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَا أَحْبِسُ الْجَيْشَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا.

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَيْسَ في الشَّرْعِ مَا يَمْنَعُ سَفَرَ الزَّوْجِ بِدُونِ زَوْجَتِهِ، إِلَّا إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى هَذَا السَّفَرِ مَفَاسِدُ؛ وَالذي أَنْصَحُ بِهِ أَنْ لَا يَتِمَّ هَذَا الزَّوَاجُ إِلَّا إِذَا سَافَرَ الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ، لِأَنَّ سَفَرَهُ بِدُونِهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَفَاسِدُ، ومَشَاكِلُ كَبِيرَةٌ، قَدْ لَا تَظْهَرُ إِلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الزَّمَنِ.

وَهَذِهِ المَفَاسِدُ تَضُرُّ بِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ، فَالخَطَرُ وَالشَّرُّ كَبِيرٌ وَكَثِيرٌ، وَالفِتَنُ مُتَنَوِّعَةٌ، وَخَاصَّةً بِسَبَبِ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ.

فَالسَّفَرُ مَعَ الزَّوْجَةِ فِيهِ سَلَامَةٌ لِدِينِهِ وَلِدِينِهَا، وَابْتِعَادٌ عَنِ الفِتْنَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.