السؤال :
أَكْرَمَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِطِفْلٍ بَلَغَ عُمُرُهُ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ، إِلَّا أَنَّهُ كَثِيرُ الخَوْفِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَمَا عِلَاجُهُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12217
 2022-10-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَأَمْرٌ طَبِيعِيٌّ بِالنِّسْبَةِ للطِّفْلِ أَنْ يَخَافَ، وَخَاصَّةً في السَّنَةِ الأُولَى مِنْ عُمُرِهِ إِذَا حَدَثَتْ ضَجَّةٌ مُفَاجِئَةٌ، أَو سَقَطَ شَيْءٌ فَجْأَةً، وَأَمْرٌ طَبِيعِيٌّ أَنْ يَخَافَ مِنَ الأَشْخَاصِ الغُرَبَاءِ، وَإِذَا بَلَغَ الثَّالِثَةَ مِنْ عُمُرِهِ يَخَافُ مِنَ الحَيَوَانَاتِ وَالسَّيَارَاتِ وَالمِيَاهِ.

وَهُنَا يَتَجَلَّى مَوْقِفُ الأَبَوَيْنِ، إِمَّا في زِيَادَةِ الخَوْفِ، أَو نَقْصِهِ، وَخَاصَّةً الأُمَّ، فَبَعْضُ الأُمَّهَاتِ في بَعْضِ الأَحْيَانِ يُخَوِّفْنَ الأَطْفَالَ بِالأَشْبَاحِ، أَو بِالظَّلَامِ، أَو بِالغُولِ، أَو بِالعِفْرِيتِ، أَو بِالقِطِّ، أَو بِقَوْلِهَا: اسْمَعْ مَا هَذَا الصَّوْتُ؟

وَفي مِثْلِ هَذَا الحَالِ سَوْفَ يَزْدَادُ خَوْفُ الطِّفْلِ وَتَطُولُ مُدَّتُهُ، لِذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الأَبَوَيْنِ في مِثْلِ هَذَا الحَالِ تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ، وَخَاصَّةً مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ عَلَى الثِّقَةِ بِاللهِ، وَأَنْ يَغْرِسَا فِيهِ الحَدِيثَ الشَّرِيفَ ـ فِيهِ ـ الذي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ».

كَمَا تَجِبُ تَرْبِيَتُهُ عَلَى الشَّجَاعَةِ، مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

كَمَا تَجِبُ تَرْبِيَتُهُ عَلَى الاخْتِلَاطِ بِالآخَرِينَ مِنْ أَهْلِ التَّرْبِيَةِ الصَّالِحَةِ، وَالتَّعَرُّفُ عَلَيْهِمْ، وَاكْتِسَابُ الصِّفَاتِ الحَسَنَةِ مِنْهُمْ.

كَمَا تَجِبُ تَرْبِيَتُهُ عَلَى مَعْرِفَةِ الأَشْيَاءِ التي تُخِيفُهُ، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ الظَّلَامَ، فَلَا بَأْسَ بِمُدَاعَبَتِهِ بِإِطْفَاءِ النُّورِ ثُمَّ إِشْعَالِهِ، وَإِذَا كَانَ يَخَافُ المَاءَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْمَحَ لَهُ بِاللَّعِبِ بِالمَاءِ القَلِيلِ، وَهَكَذَا.

كَمَا يَجِبُ تَلْقِينُهُ المَوَاقِفَ البُطُولِيَّةَ، مِنْ أَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالصَّالِحِينَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا بُدَّ للأَبَوَيْنِ مِنَ الاهْتِمَامِ بِتَرْبِيَةِ الوَلَدِ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ، مِنْ خِلَالِ سِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ الأَطْفَالِ، وَتَدْرِيبِهِمْ عَلَى القُوَّةِ وَالشَّجَاعَةِ، كَمَا تَجِبُ تَرْبِيَتُهُ عَلَى الخَوْفِ مِنَ اللهِ تعالى في ارْتِكَابِ مَعَاصِيهِ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَحْفَظَنَا وَذَرَارِيَنَا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.