السؤال :
أَخَذْتُ مِنْ زَوْجِي مَبْلَغًا مِنَ المَالِ دُونَ عِلْمِهِ، وَصَرَفْتُهُ عَلَى نَفْسِي وَأَوْلَادِي، وَشَكَّ زَوْجِي بِي، وَطَلَبَ مِنِّي أَنْ أُقْسِمَ بِاللهِ العَظِيمِ، أَنِّي مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا، وَحَلَفْتُ بِاللهِ كَاذِبَةً، حَتَّى لَا يَخْرَبَ بَيْتِي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12334
 2022-12-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَلِفُ بِاللهِ تعالى كَذِبًا كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَ مَالَ رَجُلٍ ـ أَوْ قَالَ: أَخِيهِ ـ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي القُرْآنِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَسُمِّيَتْ هَذِهِ اليَمِينُ يَمِينَ غَمُوسٍ إِذْ تَغْمِسُ صَاحِبَهَا بِالإِثْمِ وَفي نَارِ جَهَنَّمَ إِذَا لَمْ يَتُبْ إلى اللهِ تعالى، وَلَمْ يُعِدِ الحُقُوقَ إلى أَصْحَابِهَا؛ وَذَهَبَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُكَفَّرَ بِكَفَّارَةِ يَمينِ الحِنْثِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالمَالُ الذي أَخَذْتِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ زَوْجِكِ وَصَرَفْتِهِ في البَيْتِ في طُرُقِ الحَاجَاتِ لَا الكَمَالِيَّاتِ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْكِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، وَكَفِّرِي عَنْ يَمِينِكِ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَإِنْ كُنْتِ فَقِيرَةً لَا مَالَ عِنْدَكِ وَلَا ذَهَبَ، فَصُومِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَالِيَاتٍ.

وَأَمَّا إِذَا صُرِفَ المَالُ عَلَى الكَمَالِيَّاتِ، وَكَانَ زِيَادَةً عَلَى النَّفَقَةِ بِالمَعْرُوفِ، فَتَجِبُ عَلَيْكِ كَفَّارَةُ اليَمِينِ كَذَلِكَ، وَعَلَيْكِ أَنْ تَرُدِّي هَذَا المَالَ لِزَوْجِكِ وَلَو بِدُونِ عِلْمِهِ.

وَكُونِي عَلَى حَذَرٍ مِنَ العَوْدَةِ لِمِثْلِ هَذَا، فَحَبْلُ الكَذِبِ قَصِيرٌ؛ وَإِذَا عُرِفَتِ المَرْأَةُ بِالكَذِبِ فَلَنْ يُصَدِّقَهَا زَوْجُهَا وَلَو كَانَتْ صَادِقَةً. هذا، والله تعالى أعلم.