طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالوديعة أمانة عند المستودَع يجب حفظها وصيانتها للمستودِع، فإن قصَّر في حفظها أو تعدَّى فهلكت ضمن وإلا فلا، وهذا عند جمهور الفقهاء، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أُودِعَ وَدِيعَةً فَلا ضَمَانَ عَلَيْهِ). رواه ابن ماجه عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ رضي الله عنه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ، وَلاَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ) رواه الدارقطني عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ رضي الله عنه. والمُغِلُّ: هو الخائن.
وإذا باع المستودَع الوديعة بدون إذن المستودِع يكون البيع فضولياً متوقِّفاً على إجازة صاحبها، فإن أجاز البيع نفذ البيع، وإلا بطل البيع.
وبناء على ذلك:
فما دام الأب باع عقد الذهب ولم تعترض البنت على البيع لحيائها تمَّ البيع، ولها قيمة العقد من تركة والدها بالسعر الذي باعه فيه، مع الأجر إن شاء الله تعالى على حيائها من والدها وبرِّها به.
أما إذا أظهرت عدم رضاها أو صرَّحت به مباشرة عند البيع فلها أن تستوفي من تركة أبيها وزن العقد الذهبي أو قيمته بسعر يوم الاستيفاء، لو أرادت ذلك، وإن سامحت كان أولى لها.
وكان الأكرم والأكمل في حقِّ الوالد أن لا يتصرَّف هذا التصرُّف إلا بعلم ابنته ورضاها، حتى يُعلِّم ابنته عظمةَ هذا الدين في حفظ الأمانات ولو كانت الأمانة عند أصل المستودِع، وأنَّه لا يتصرَّف بالوديعة إلا برضا المستودِع ولو كان المستودَع هو الأب.
وأما بالنسبة لهبة الأم شيئاً من مالها لولد من أولادها الذكور أو الإناث إذا كان الولد بحاجة فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى، وإلا فالتسوية بين الأولاد في الهبة أدعى لتلاحم أفراد الأسرة فيما بينهم، وأسلم لصدورهم من الغلِّ والحقد، وطوبى لعبد كان سبباً في سلامة صدور الآخرين نحوه ونحو الآخرين.
وما دامت الأم لم تُملِّك ابنتها شيئاً فلها الخيار بعد بيع العِقد من قبل أبيها أن تعطيها ما تشاء من مالها، وكما قلت: العدل بين الأولاد في الهبة إذا كانت لغير حاجة هو الأولى خروجاً من الخلاف بين الفقهاء في هذه المسألة. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |