2012-11-12
 السؤال :
لي مبلغ من المال عند صديق لي، وبعد فترة من المطالبة حولني صديقي إلى رجل غيره لدفع المال، وقبلت منه هذا التحويل، فهل من حقي أن أطالب الاثنين بالدين حتى أسترد حقي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5634
 2012-11-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ». وفي رواية الإمام أحمد  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ». وذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّ هذا الأمرَ ليسَ للوُجوبِ، بل للاستِحبابِ.

ويُشترطُ في التَّحويلِ قبولُ المُحالِ والمُحالِ إليه، بأنْ يقولَ كلُّ واحدٍ منهما: قَبِلتُ أو رَضيتُ، فَرِضا المُحالِ لا بدَّ منه لأنَّ الدَّينَ حقُّهُ، وهوَ في ذِمَّةِ المُحيلِ، والذِّمَمُ مُتفاوتةٌ في حُسنِ القضاءِ والمَطلِ، فلا بدَّ من رِضاهُ، وإلا لَزِمَ الضَّرَرُ بإلزامِهِ اتِّباعَ من لا يَثِقُ به ولو كانَ مليئاً.

وكذلكَ رِضا المُحالِ إليه لا بدَّ منه لأنَّ الحقَّ سينتقِلُ إلى ذِمَّتِهِ.

وذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى براءةِ ذِمَّةِ المُحيلِ من الدَّينِ إذا رَضِيَ المُحالُ والمُحالُ إليه، إلا أن يتعذر تحصيل الدَّين من المحال عليه فيرجع الدائن عند ذلك على المدين.

وبناء على ذلك:

 فما دامَ صديقُكَ قد أحالَكَ لِغيرِهِ، وقَبِلتَ هذا التَّحويلَ وقَبِلَ المُحالُ إليه، فقد بَرِئَتْ ذِمَّةُ صديقِكَ أمامَكَ، وصارتْ ذِمَّةُ هذا الرَّجلِ مشغولةً بالدَّينِ، وليسَ من حقِّكَ أن تُطالِبَ صديقَكَ المدينَ أولاً. هذا، والله تعالى أعلم.