طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَنبَغي على المُسلِمِ أن يَحمَدَ اللهَ تعالى على سائِرِ أحوالِهِ فيما أحَبَّ وكَرِهَ حَمداً مُطلَقاً، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه ابن ماجه عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: «الْحَمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ».
وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لله عَلَى كُلِّ حَالٍ».
وروى الترمذي عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟
فَيَقُولُونَ نَعَمْ.
فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟
فَيَقُولُونَ: نَعَمْ.
فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟
فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ.
فَيَقُولُ اللهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ».
وهذهِ العِبارَةُ غَيرُ مُستَقيمَةٍ، فَهُناكَ من يُحمَدُ على ما فَعَلَ من البَشَرِ، فالذي يُؤَدِّبُ وَلَدَهُ بالضَّربِ يُحمَدُ على ما فَعَلَ، والذي يُقيمُ الحُدودَ الشَّرعِيَّةَ يُحمَدُ على ما فَعَلَ، لأنَّ كُلَّاً منهُما مُحسِنٌ وليسَ بِمُسيءٍ.
وبناء على ذلك:
فلا يَليقُ بالمُسلِمِ أن يَقولَ هذهِ الكَلِمَةَ أثناءَ دُعائِهِ، أو أثناءَ مُصيبَةٍ تُصيبُهُ، ولكن عليهِ أن يَحمَدَ اللهَ تعالى حَمداً مُطلَقاً على كُلِّ حالٍ، ويَحمَدَهُ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ، لأنَّ قَضاءَ الله تعالى وقَدَرَهُ خَيرٌ في حَقِّ المؤمنِ، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَجَباً لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ». هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |