طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الكَذِبَ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابَاً» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثانياً: الإِدَانَةُ بِالكَذِبِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالإِقْرَارِ، أَو بِشُهُودٍ عُدُولٍ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ للحَاكِمِ أَو القَاضِي أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الكَاذِبِ بِكَذِبِهِ وَبِالذي تَرَتَّبَ عَلَى هَذَا الكَذِبِ إِلَّا بِالإِقْرَارِ، أَو الشُّهُودِ، وَإِلَّا كَانَ حُكْمُهُ فِسْقَاً وَجَوْرَاً وَظُلْمَاً.
وبناء على ذلك:
فَلَا حَرَجَ في الاسْتِعَانَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الكَذِبِ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ مَـشْرُوعَةٍ، وَلَو كَانَ عَنْ طَرِيقِ الأَجهِزَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ للقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ عَلَى أَسَاسِ الأَجهِزَةِ فَقَطْ، لِأَنَّ هَذَا الكَشْفَ ظَنِّيٌّ.
وَقَدْ نَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى بُطْلَانِ الحُكْمِ بِنَاءً عَلَى الظَّنِّ، أَو الفِرَاسَةِ، أَو التَّخْمِينِ، لِأَنَّ مَدَارِكَ الأَحْكَامِ مَعْلُومَةٌ شَرْعَاً، مُدْرَكَةٌ قَطْعَاً. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |