طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الذَّبِيحَةُ التي تُذْبَحُ عِنْدَ شِرَاءِ البَيْتِ، أَو عِنْدَ تَمَامِ بِنَائِهِ، تُسَمَّى وَكِيرَةً، وَهِيَ في اللُّغَةِ مِنَ الوَكْرِ، وَهُوَ عُشُّ الطَّائِرِ.
ثانياً: ذَهَبَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيَّةُ إلى أَنَّ الوَكِيرَةَ ـ الطَّعَامُ الذي يُتَّخَذُ عِنْدَ الفَرَاغِ مِنْ بِنَاءِ البَيْتِ، أَو عِنْدَ شِرَائِهِ ـ مُسْتَحَبَّةٌ، وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَلَا تَتَأَكَّدُ تَأَكُّدَ وَلِيمَةِ العُرْسِ.
وَلَيْسَ لَهَا أَصْلٌ في سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهَا مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾.
وَمِنْ شُكْرِ اللهِ تعالى إِطْعَامُ الطَّعَامِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: الوِقَايَةُ مِنْ عُيُونِ الحَاسِدِينِ، أَنْ يَلْتَزِمَ الإِنْسَانُ قَوْلَ اللهِ تعالى كُلَّمَا دَخَلَ بَيْتَهُ، أَو رَأَى في مَالِهِ وأَهْلِهِ مَا يُعْجِبُهُ: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ﴾.
روى البيهقي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنْعَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فِي أَهْلٍ وَمَالٍ وَوَلَدٍ يَقُولُ: فَيَقُولُ: مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ فَيَرَى فِيهِ آفَةً دُونَ المَوْتِ».
وروى الحاكم عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ الْأَمْرُ يَسُرُّهُ قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ» وَإِذَا أَتَاهُ الْأَمْرُ يَكْرَهُهُ، قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ».
وبناء على ذلك:
فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى اسْتِحْبَابِ جَعْلِ وَكِيرَةٍ لِمَنِ اشْتَرَى بَيْتَاً أَو بَنَاهُ، اسْتِنَادَاً عَلَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾. وَمِنَ الشُّكْرِ جَعْلُ وَلِيمَةِ طَعَامٍ.
وَمَنْ خَشِيَ العَيْنَ فَلْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِهِ: «مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ» «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ». هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |