طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الكُفْرُ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى رِدَّةٌ عَنِ الإِسْلَامِ، وَسَبَبٌ لِحُبُوط العَمَلِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. سَوَاءٌ كَانَ جَادَّاً أَو مَازِحَاً، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾.
ثانياً: مِنْ فَضْلِ اللهِ تعالى عَلَى عَبْدِهِ أَنَّهُ فَتَحَ لَهُ مَجَالَاً للتَّوْبَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
ثالثاً: مَنْ تَلَفَّظَ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ في حَالَةِ الغَضَبِ الشَّدِيدِ، حَيْثُ إِنَّهُ كَانَ لَا يَعِي مَا يَقُولُ، وَيُقْسِمُ بِاللهِ تعالى أَنَّهُ مَا يَذْكُرُ أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ، وَلَا يَعْلَمُ مَاذَا تَكَلَّمَ، فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَلَاقَ، وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ» رواه الإمام أحمد والحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَكَذَلِكَ كَلِمَةُ الكُفْرِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا أَقْسَمَ بِاللهِ تعالى بِأَنَّهُ مَا كَانَ يَعِي مَا يَقُولُ، وَلَا يَذْكُرُ مَا قَالَ، فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْهِ أَنْ يَضْبِطَ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ، وَيَسْمَعَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |