الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَإِنَّ اليَأْسَ وَالقُنُوطَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ، وَقَدْ نَهَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُمَا في القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾.
وَالإِنْسَانُ المُؤْمِنُ كُلَّمَا زَادَ هَمُّهُ وَحُزْنُهُ زَادَ الْتِجَاؤُهُ إلى اللهِ تعالى الذي هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَهَذَا سَيِّدُنَا يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ فَقَدَ وَلَدَهُ سَيِّدَنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَزِنَ حُزْنَاً شَدِيدَاً، ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّ ابْنَاً لَهُ قَدْ سَرَقَ، فَازْدَادَ هَمُّهُ وَحُزْنُهُ، وَبِالمُقَابِلِ زَادَ تَفَاؤُلُهُ، قَالَ تعالى في حَقِّهِ: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرَاً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرَاً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعَاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾.
وَقَالَ في حَقِّهِ أَيْضَاً: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾.
فَعِلَاجُ اليَأْسِ وَالقُنُوطِ إِنَّمَا يَكُونُ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
وَيَكُونُ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجَاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾.
وَقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانَاً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.
وَيَكُونُ بِالرِّضَا بِقَضَاءِ اللهِ تعالى وَقَدَرِهِ، روى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: وَقَعَ فِي نَـفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ، فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ اللهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ، كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرَاً مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ كَانَ لَكَ جَبَلُ أُحُدٍ، أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبَاً أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا، دَخَلْتَ النَّارَ».
وَيَكُونُ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ تعالى، وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَإلى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَبَقَتْ لِلْعَبْدِ مِنَ اللهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ، ابْتَلَاهُ اللهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ، ثُمَّ صَبَّرَهُ حَتَّى يُبْلِغَهُ المَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَ لِجَدِّهِ صُحْبَةٌ.
وبناء على ذلك:
فَمَنْ لَعِبَ بِهِ الشَّيْطَانُ وَأَوْقَعَهُ في اليَأْسِ وَالقُنُوطِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى، فَعَلَيْهِ بِكَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «منْ لَزِم الاسْتِغْفَار، جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجَاً، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجَاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ» رواه أبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَأَنْ يُحْسِنَ الظَّنَّ بِاللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾.
وَأَنْ يُكْثِرَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: «إِذَاً تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» رواه الترمذي أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَالقَائِلِ: «عَجَبَاً لِأَمْرِ المُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرَاً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرَاً لَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَلْيُكْثِرْ مِنْ دُعَاءِ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مُتَفَائِلِينَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ اليَائِسِينَ القَانِطِينَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
Fatal error: Uncaught mysqli_sql_exception: You have an error in your SQL syntax; check the manual that corresponds to your MariaDB server version for the right syntax to use near 'and st_advisory_category.cat_id=st_advisory.advisory_cat_id LIMIT 1' at line 4 in /var/www/vhosts/naasan.net/httpdocs/classes/MySQL_wrapper.class.php:232 Stack trace: #0 /var/www/vhosts/naasan.net/httpdocs/classes/MySQL_wrapper.class.php(232): mysqli_query() #1 /var/www/vhosts/naasan.net/httpdocs/classes/MySQL_wrapper.class.php(336): MySQL_wrapper->call() #2 /var/www/vhosts/naasan.net/httpdocs/classes/MySQL_wrapper.class.php(425): MySQL_wrapper->query() #3 /var/www/vhosts/naasan.net/httpdocs/includes/advisory/advisory.php(757): MySQL_wrapper->query_first() #4 /var/www/vhosts/naasan.net/httpdocs/includes/advisory/advisory.php(1592): display_advisory_details_u() #5 /var/www/vhosts/naasan.net/httpdocs/includes/pages.php(27): include('...') #6 /var/www/vhosts/naasan.net/httpdocs/index.php(114): include('...') #7 {main} thrown in /var/www/vhosts/naasan.net/httpdocs/classes/MySQL_wrapper.class.php on line 232 |