أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9194 - رأى رؤيا ففسخ الخطبة

06-10-2018 7506 مشاهدة
 السؤال :
تقدمت من خطبة فتاة، وبعد الخطبة والموافقة عليها، رأيت في منامي رؤيا مزعجة، ففسخت الخطبة، فهل تصرفي صحيح أم لا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9194
 2018-10-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَبُشْرَى مِنَ اللهِ، وَحَدِيثُ النَّفْسِ، وَتَخْوِيفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا تُعْجِبُهُ، فَلْيَقُصَّهَا إِنْ شَاءَ، وَإِذَا رَأَى شَيْئَاً يَكْرَهُهُ، فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ».

فَالرُّؤْيَا قَدْ تَكُونُ بُشْرَى مِنَ اللهِ تعالى، وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَقَدْ تَكُونُ حَدِيثَ نَفْسٍ، وَلَا يَسْتَطِيعُ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يُمَيِّزَ بَيْنَهَا.

بَلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَانَا إِذَا رَأَى أَحَدُنَا رُؤْيَا يَكْرَهُهَا أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَأَنْ يَتْفِلَ عَنْ يَسَارِهِ، وَلَا يُحَدِّثَ بِهَا أَحَدَاً، لِأَنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَا تَضُرُّهُ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، وَالرُّؤْيَا السَّوْءُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى رُؤْيَا فَكَرِهَ مِنْهَا شَيْئَاً فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، لَا تَضُرُّهُ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدَاً، فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً، فَلْيُبْشِرْ وَلَا يُخْبِرْ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ». هذا أولاً.

ثانياً: عِنْدَمَا أَمَرَنَا اللهُ تعالى بِالزَّوَاجِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

أَمَرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُرِيدَ الزَّوَاجِ بِقَوْلِهِ: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَصَاحِبَةُ الدِّينِ قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا اسْتَفَادَ المُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللهِ خَيْرَاً لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ» رواه ابن ماجه عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

كَمَا أَمَرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوْلِيَاءَ البَنَاتِ بِقَوْلِهِ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وبناء على ذلك:

فَوَاجِبٌ عَلَى المُسْلِمِ وَالمُسْلِمَةِ عِنْدَ إِرَادَةِ الزَّوَاجِ أَنْ يَنْطَلِقَانِ مِنْ مُنْطَلَقِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَنْ يَبْحَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِ دِينٍ وَخُلُقٍ، وَلَا يَرْكَنَ الوَاحِدُ مِنْهُمَا عَلَى الرُّؤْى وَالأَحْلَامِ وَالمَنَامَاتِ، لِأَنَّ الرُّؤْى وَالمَنَامَاتِ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ وَلَا مُتَيَقَّنَةٍ، بَلْ قَدْ تَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَقَالُوا: مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى المَنَامَاتِ في المُنَى مَاتَ.

فَالمِقْيَاسُ الذي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ في القَبُولِ وَالرَّفْضِ في الخِطْبَةِ هُوَ الدِّينُ وَالخُلُقُ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلى المَنَامَاتِ.

لِذَا أَنْصَحُكَ إِنْ كَانَتْ مَخْطُوبَتُكَ صَاحِبَةَ دِينٍ وَخُلُقٍ فَعُدْ إِلَيْهَا خَاطِبَاً مَرَّةً ثَانِيَةً، وَلَا تَكُنْ مِمَّنْ يَعْتَمِدُ عَلَى المَنَامَاتِ، لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِكَثِيرٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَالنَّفْسُ الأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ تُدَمِّرُ وَلَا تُعَمِّرُ.

صَلِّ صَلَاةَ الاسْتِخَارَةِ وَانْظُرْ إلى انْشِرَاحِ الصَّدْرِ وَتَيْسِيرِ الأُمُورِ، وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ تعالى بَعْدَ ذَلِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
7506 مشاهدة