أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7299 - حكم من سبَّ النبي   

02-05-2016 3008 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم من يُكثر من سبِّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7299
 2016-05-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يقول الله تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْـمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُون * وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُون * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِين﴾. فإذا كان الاستهزاءُ باللهِ تعالى وبآياتِهِ وبسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كُفْرَاً، فكيف لا يكون سبُّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كُفْرَاً؟

ثانياً: روى أبو داود عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَمَهَا.

وروى أبو داود عن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا فَلا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلا تَنْزَجِرُ.

قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ المِعْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا، فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَ النَّاسَ، فَقَالَ: «أَنْشُدُ الله رَجُلاً فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلا قَامَ».

فَقَامَ الأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ، حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَنْهَاهَا فَلا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ البَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ المِعْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ».

ثالثاً: اتفقت كَلِمَةُ الفقهاءِ على أنَّ سابَّ النبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مُرتَدٌّ عن دِينِ الله تعالى، ويجبُ على وليِّ الأمرِ إقامةُ الحدِّ عليهِ، وهو القتلُ، وإذا قُتِلَ المرتدُّ على رِدَّتِهِ فلا يُغَسَّل، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين.

رابعاً: إنَّ من تكرَّر منه الكفرُ وسبُّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ـ والعياذ بالله تعالى ـ فهو دليلٌ على فسادِ عقيدتِهِ، وقال الحنابلة: بأنَّ توبتهُ لا تُقبل، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرَاً لَّمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً﴾. ولقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرَاً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّالُّون﴾. وهذا القولُ منسوبٌ إلى بعضِ الحنفيةِ وإلى الإمام مالك رضي الله عن الجميع.

خامساً: سبُّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يتعلَّقُ به حقَّان، حقُّ اللهِ تعالى، وحقُّ سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

فأمَّا حقُّ الله تعالى فهو القَدحُ في رسالتِهِ وكتابِهِ ودينِهِ، وأمَّا حقُّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فَوَاضِحٌ.

وبناء على ذلك:

فمن سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فقد كفر وارتدَّ عن الإسلام بإجماع الفقهاء، سواءٌ صدر منه ذلك جادَّاً أم هازِلَاً، وإن سَابَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُسْتَتَابُ، وتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وإلا قُتِلَ رِدَّةً. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3008 مشاهدة