أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6314 - أخذ الأجرة على الأذان

17-05-2014 48652 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز أخذ الأجرة على الأذان؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6314
 2014-05-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لقد رَغَّبَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الأذانِ، وأن يَكونَ حِسبَةً لِوَجْهِ الله تعالى.

روى الحاكم وابن ماجه عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً، وَلِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً».

وروى الترمذي وابن ماجه عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَذَّنَ سَبْعَ سِنِينَ مُحْتَسِباً كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ مِن النَّارِ».

وروى الإمام أحمد والحاكم وغيرُهُما عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، اجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي.

فَقَالَ: «أَنْتَ إِمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّناً لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْراً».

ثانياً: روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبيرِ عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما: إِنِّي لأُحِبُّكَ فِي اللهِ.

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَكِنِّي أَبْغَضُكَ فِي اللهِ.

قَالَ: وَلِمَ؟

فَقَالَ:إِنَّكَّ تُنْقِي فِي أَذَانِكِ، وَتَأْخُذُ عَلَيْهِ أَجْراً.

وجاءَ في أخبار مكة للفاكهي عن الضَّحَّاكِ بنِ قَيسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: إنَّ مُؤَذِّناً من مُؤَذِّنِي الكَعبَةِ لَقِيَهُ فقال: إِنِّي أُحِبُّكَ في اللهِ.

فقال: لَكِنِّي أَبْغَضُكَ فِي اللهِ.

قال: لِمَ؟

فقال: لأَنَّكَ تَبغِي في أَذانِكَ، وتَأخُذُ على أَذَانِكَ أَجراً. يَعني: يَتَجَاوَزُ الحَدَّ.

ثالثاً: جاءَ في المَوسُوعَةِ الفِقهِيَّةِ الكُوَيتِيَّةِ: ذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ من الشَّافِعِيَّةِ والحَنَابِلَةِ والمُتَقَدِّمينَ من الحَنَفِيَّةِ إلى عَدَمِ جَوازِ الاستِئجَارِ لإمَامَةِ الصَّلاةِ، لأنَّها من الأعمالِ التي يَختَصُّ فَاعِلُها بِكَونِهِ من أَهلِ القُربَةِ، فلا يَجُوزُ الاستِئجَارُ عَلَيها كَنَظَائِرِهَا من الأذانِ وتَعلِيمِ القُرآنِ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ. ولأنَّ الإمامَ يُصَلِّي لِنَفسِهِ، فَمَن أَرادَ اقتَدَى به وإن لم يَنوِ الإمامَةَ، وإن تَوَقَّفَ على نِيَّتِهِ شَيءٌ فهوَ إحرازُ فَضِيلَةِ الجَمَاعَةِ، وهذهِ فَائِدَةٌ تَختَصُّ به.

ولأنَّ العَبدَ فيما يَعمَلُهُ من القُرُباتِ والطَّاعاتِ عَامِلٌ لِنَفسِهِ، قالَ سُبحَانَهُ وتعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ﴾. ومن عَمِلَ لِنَفسِهِ لا يَستَحِقُّ الأجرَ على غَيرِهِ.

وقال المَالِكِيَّةُ: جَازَ أَخْذُ الأُجرَةِ على الأذانِ وَحْدَهُ أو مَعَ صَلاةٍ، وكَرِهُوا الأَجرَ على الصَّلاةِ وَحْدَها، فَرضَاً كَانَت أو نَفْلاً من المُصَلِّينَ.

والمُفتَى به عِندَ مُتَأَخِّرِي الحَنَفِيَّةِ جَوازُ الاستِئجَارِ لِتَعلِيمِ القُرآنِ والفِقهِ والإمَامَةِ والأذانِ.

وبناء على ذلك:

فالأصلُ أن لا يأخُذَ الإنسانُ أجراً على فِعلِ الطَّاعاتِ التي لا تَصلُحُ إلا من المُسلِمينَ، كالأذانِ والإقامَةِ والإمَامَةِ، ونَظَراً إلى أنَّهُ قد يَتَعَذَّرُ أو يَتَعَسَّرُ في غَالِبِ الأحيانِ وُجُودُ من يَقومُ بهذا الأمرِ تَطَوُّعاً فَتَتَعَطَّلُ هذهِ الشَّعَائِرُ، فلا حَرَجَ من أخْذِ الأُجرَةِ على الأذانِ والإقَامَةِ والإمَامَةِ والخَطَابَةِ كما أفتَى بذلكَ المُتَأَخِّرونَ من الحَنَفِيَّةِ.

وما يَأخُذُهُ المُؤَذِّنونَ والأئِمَّةُ والخُطَباءُ من الرَّوَاتِبِ من الأوقافِ لَيسَ دَاخِلاً في الأُجرَةِ، وإنَّما هوَ رِزقٌ وإعَانَةٌ لأجلِ التَّفَرُّغِ لهذهِ المَهَمَّاتِ والقِيامِ بها على الوَجْهِ الأكمَلِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
48652 مشاهدة