أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9355 - الواجب على الوالدين قبل بلوغ الولد

05-01-2019 17241 مشاهدة
 السؤال :
ولدي قارب سن البلوغ، فما هو الواجب عليَّ نحوه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9355
 2019-01-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّ الأَبَوَيْنِ هُمَا المَسْؤُولَانِ عَنِ الأَبْنَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ........ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا» رواه الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

يَجِبُ عَلَى الأَبَوَيْنِ حِينَمَا يَتَوَقَّعَانِ قُرْبَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ، وَالبِنْتِ عَلَى البُلُوغِ، أَن يَقُومَا بِتَعْلِيمِ الأَبْنَاءِ فَرَائِضَ الغُسْلِ، وَسُنَنَهُ، وَيُحَدِّثُونَهُمْ عَنِ الأَسْبَابِ المُوجِبَةِ للغُسْلِ، وَعَنْ طَبِيعَةِ المَادَّةِ التي تَخْرُجُ، وَأَنْ يُفَرِّقُوا لَهُمْ بَيْنَ المَذْيِ وَالوَدْيِ وَالمَنِيِّ.

هَذَا خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَتَعَلَّمُوا هَذِهِ الأُمُورَ مِمَّنْ لَا حَيَاءَ عِنْدَهُمْ. هذا أولاً.

ثانياً: يَجِبُ عَلَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ أَن يُعَلِّمُوا الأَوْلَادَ إِذَا قَارَبُوا سِنَّ البُلُوغِ أَنَّهُمْ سَيَدْخُلُونَ سِنَّ التَّكْلِيفِ، حَيْثُ سَيَجْرِي عَلَيْهِمُ القَلَمُ، وَيَذْكُرُوا لَهُم حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الطِّفْلِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ ـ أَوْ يَعْقِلَ ـ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَأَنَّ الوَلَدَ إِذَا دَخَلَ سِنَّ التَّكْلِيفِ صَارَ مُحَاسَبَاً عَلَى الصَّغِيرَةِ وَالكَبِيرَةِ، وَعَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَأَنَّ المَلَكَيْنِ المُوَكَّلَيْنِ بِالعَبْدِ بَدَأَتْ وَظِيفَتُهُمَا بِالكِتَابَةِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾. وَأَنَّهُ بَدَأَ تَسْجِيلُ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ.

ثالثاً: عَلَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ تَعْلِيمُ الأَوْلَادِ سُورَةَ النُّورِ كَوِقَايَةٍ لَهُم، مَعَ شَرْحِ هَذِهِ السُّورَةِ شَرْحَاً مُبَسَّطَاً، وَأَنْ يَهْتَمُّوا بِتَحْفِيظِهِمْ هَذِهِ السُّورَةَ قَبْلَ البُلُوغِ، روى البيهقي عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّمُوا رِجَالَكُمْ سُورَةَ المَائِدَةِ، وَعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ».

وَكَانَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَكْتُبُ في الآفَاقِ: لَا تَدْخُلَنَّ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ الحَمَّامَ إِلَّا مِنْ سَقَمٍ، وَعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ. رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ في المُصَنَّفِ.

رابعاً: يَجِبُ عَلَى الوَالِدَيْنِ تَحْذِيرُ الأَبْنَاءِ مِنَ الوُقُوعِ في الفَاحِشَةِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتِ الأُسْرَةُ تَعِيشُ في بَلَدٍ انْتَشَرَتْ فِيهِ الفَاحِشَةُ، وَيَحْسُنُ بِالوَالِدَيْنِ أَنْ يَذْكُرَا لَهُمْ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا جَاءَهُ فَتَىً يَسْتَأْذِنُهُ بِالزِّنَا، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ فَتَىً شَابَّاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا؛ فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ مَهْ.

فَقَالَ: «ادْنُهْ». فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبَاً؛ فَجَلَسَ.

قَالَ: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ».

قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ».

قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ».

قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ».

قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ».

قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ».

قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.

 خامساً: أَن يَكُونَ الأَبَوَانَ حَرِيصَيْنِ عَلَى تَزْوِيجِهِ في سِنٍّ مُبَكِّرَةٍ، وَبِدَايَةً وَنِهَايَةً لَا بُدَّ مِنَ التَّرْكِيزِ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الصُّحْبَةِ الصَّالِحَةِ ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامَاً﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
17241 مشاهدة