أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

403 - جاره يؤذيه برائحة الغاز من سيارته

16-07-2007 2 مشاهدة
 السؤال :
جَارِي يَقُومُ بِإِيذَائِي كَوْنَهُ يَوْمِيًّا يَقُومُ بِتَعْبِئَةِ سَيَّارَتِهِ غَازًا، وَتَسْتَمِرُّ هَذِهِ الحَالَةُ يَوْمِيًّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ السَّاعَةِ تَقْرِيبًا، وَكَوْنَ حَارَتِي ضَيِّقَةً فَهَذَا يُؤَثِّرُ عَلَيْنَا بِأَيَّامِ الحَرِّ هَذِهِ، وَقَدْ قُلْتُ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ: يَا جَارِي إِنَّكَ تُؤْذِينِي بِرَائِحَةِ الغَازِ وَالأَوْلَادُ يَنَامُونَ بِالغُرْفَةِ التي نَافِذَتُهَا عَلَى الشَّارِعِ مُبَاشَرَةً، فَقَالَ لِي: يَا أَخِي سَكِّرِ الشَّبَابِيكَ بِهَذِهِ السَّاعَةِ وَبِفَظَاظَةٍ، وَاتَّهَمَنِي أَنِّي مُشَاكِسٌ وَأَسَاءَ مَعِيَ الأَدَبَ، وَاللهُ شَهِيدٌ وَيُغْلِقُ الحَارَةَ بِسَيَّارَتِهِ. احْتَسَبْتُ الأَمْرَ عِنْدَ اللهِ لَعَلَّهُ يَكُونُ بِصَحِيفَةِ أَعْمَالِي الفَارِغَةِ، وَلَكِنَّ الأَمْرَ لَا يَنْتَهِي هُنَا لِأَنَّ زَوْجَتِي بَدَأَتْ تَتَّهِمُنِي بِالضَّعْفِ أَمَامَ جَارِي، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا في القُلُوبِ لِأَنِّي إِذَا قَدَّمْتُ بِهِ شَكْوَى أَخْشَى أَنْ يَدْفَعَ رِشْوَةً وَأَكُونُ سَبَبًا لِهَذِهِ الرِّشْوَةِ، وَهُوَ كَوْنُهُ خِرِّيجُ كُلِّيَّةِ الشَّرِيعَةِ لَا يُسَمِّيهَا رِشْوَةً، وَلَكِنَّ دَفْعَ الأَذَى عَنِ النَّفْسِ، فَمَا رَأْيُكُمْ دَامَ فَضْلُكُمْ، وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى كَلَامِي.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 403
 2007-07-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

طَالَمَا أَنَّ جَارَكَ طَالِبُ عِلْمٍ ذَكِّرْهُ بِالأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ في حَقِّ الجَارِ، ذَكِّرْهُ بِقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: 36].

وَذَكِّرْهُ بِحَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ.

وَذَكِّرْهُ بِتَحْذِيرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَذِيَّةِ الجَارِ بِقَوْلِهِ: «وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ».

قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ.

وَذَكِّرْهُ بِأَنَّ مِنْ عَلَامَاتِ الإِيمَانِ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ عَدَمُ أَذِيَّةِ الجَارِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَعَرِّفْهُ بِأَنَّ حَدَّ الجِوَارِ أَرْبَعُونَ بَيْتًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، للحَدِيثِ الذي أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى - وَإِنْ كَانَ الحَدِيثُ ضَعِيفًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حَقُّ الْجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، يَمِينًا وَشِمَالًا، وَقُدَّامًا وَخَلْفًا».

ثُمَّ بَعْدُ عَرِّفْهُ الحُكْمَ الشَّرْعِيَّ بِأَنَّ طَاعَةَ وَلِيِّ الأَمْرِ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاجِبَةٌ عَلَى المُسْلِمِ، لِقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾.

فَطَاعَةُ وَلِيِّ الأَمْرِ وَاجِبَةٌ بِنَصِّ الآيَةِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمَعْصِيَةٍ، وَمُخَالَفَةُ وَلِيِّ الأَمْرِ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ مُخَالَفَةٌ لِأَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكِّرْهُ بِأَنَّ الرِّشْوَةَ حَرَامٌ بِنَصِّ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي يَقُولُ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالْـمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.

وَأَعْلِمْهُ بِأَنَّ دَفْعَهُ لِلْمَالِ هَذَا هُوَ عَيْنُ الرِّشْوَةِ، لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الرِّشْوَةِ يُخَالِفُ وَلِيَّ الأَمْرِ الذي أَمَرَنَا اللهُ بِطَاعَتِهِ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَبِالرِّشْوَةِ يُحَقِّقُ الـضَّرَرَ للآخَرِينَ وَلِنَفْسِهِ إِذَا ضُبِطَ بِالمُخَالَفَةِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

1- ذَكِّرْهُ بِاللهِ تعالى وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِحُقُوقِ الجَارِ، وَوُجُوبِ طَاعَةِ وَلِيِّ الأَمْرِ.

2- فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الأَذِيَّةِ، وَفِعْلًا كُنْتَ تَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَكَ صَبْرٌ عَلَى تَحَمُّلِ الأَذَى، فَأَقِمْ عَلَيْهِ دَعْوَى أَمَامَ القَضَاءِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2 مشاهدة