أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6097 - هل مدت له اليد من القبر الشريف؟

15-01-2014 27534 مشاهدة
 السؤال :
ما صحة القول المنسوب لسيدنا أحمد الرفاعي رَحِمَهُ اللهُ تعالى عندما وقف أمام القبر الشريف وقال: في حَالَةِ البُعدِ رُوحي كُنتُ أُرسِلُها *** تُقَبِّلُ الأرضَ عَـنِّي وهـيَ نَائِبَتِي وهذهِ دَولَـةُ الأشـبَاحِ قَد حَضَرَت *** فامْدُدْ يَمينَكَ كَي تَحظَى بها شَفَتِي فخرجت اليد الشريفة من القبر الشريف فقبلها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6097
 2014-01-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: ذَهَبَ جُمهورُ عُلَماءِ أهلِ السُّنَّةِ إلى جَوازِ ظُهورِ أمرٍ خارِقٍ للعادَةِ على يَدِ مُؤمِنٍ ظاهِرِ الصَّلاحِ إكراماً من الله تعالى لهُ، وإلى وُقوعِها فِعلاً، مُستَدِلِّينَ على ذلكَ بِقَولِهِ تعالى: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ الله إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب﴾.

وهُنا طَمِعَ سَيِّدُنا زَكَرِيَّا عَلَيهِ السَّلامُ في انخِراقِ العَادَةِ لهُ، وذلكَ بأنْ يَرزُقَهُ اللهُ تعالى ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً، قال تعالى: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء﴾.

ومُستَدِلِّينَ على ذلكَ بِقِصَّةِ الذي عِندَهُ عِلمٌ من الكِتابِ زَمَنَ سَيِّدِنا سُلَيمانَ عَلَيهِ السَّلامُ، وعلى نَبِيِّنا أفضَلُ الصَّلاةِ وأتَمُّ التَّسليمِ، وقِصَّةِ عَرشِ بَلقيسَ، قال تعالى: ﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرَّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيم﴾.

ومُستَدِلِّينَ بما وَقَعَ للصَّحابَةِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم في حَالِ حَياتِهِم وبَعدَ مَماتِهِم من خَوارِقِ العَاداتِ، كقَولِ سَيِّدِنا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ: (يَا سَارِيَةُ الجَبَلَ، يَا سَارِيَةُ الجَبَلَ). وكَتَغسيلِ المَلائِكَةِ لِحَنظَلَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ الذي استُشهِدَ يَومَ أُحُدٍ.

ومُستَدِلِّينَ بالحَديثِ القُدسِيِّ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «قالَ اللهُ تعالى: فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا».

ثانياً: قالَ بَعضُ المُحَقِّقينَ: كُلُّ ما جازَ أن يَكونَ مُعجِزَةً لِنَبِيٍّ جازَ أن يَكونَ كَرامَةً لِوَلِيٍّ، غَيرَ أنَّ المُعجِزَةَ تَقْتَرِنُ بِدَعْوَةِ النُّبُوَّةِ، والكَرامَةُ لا تَقْتَرِنُ بذلكَ، بل إنَّ الوَلِيَّ لو ادَّعى النُّبُوَّةَ صارَ عَدُوَّاً لله، ولا يَستَحِقُّ الكَرامَةَ بل اللَّعنَةَ والإهانَةَ.

ثالثاً: قَال ابْنُ عَابِدِينَ: اِعْلَمْ أَنَّ كُلَّ خَارِقٍ ظَهَرَ عَلَى يَدِ أَحَدٍ مِنَ الْعَارِفِينَ فَهُوَ ذُو جِهَتَيْنِ:

جِهَةُ كَرَامَةٍ، مِنْ حَيْثُ ظُهُورِهِ عَلَى يَدِ ذَلِكَ الْعَارِفِ.

وَجِهَةُ مُعْجِزَةٍ لِلرَّسُولِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الَّذِي ظَهَرَتْ هَذِهِ الْكَرَامَةُ عَلَى يَدِهِ هُوَ وَاحِدٌ مِنْ أُمَّتِهِ، لأنَّهُ لا يَظْهَرُ بِتِلْكَ الْكَرَامَةِ الآْتِي بِهَا وَلِيٌّ إِلا وَهُوَ مُحِقٌّ فِي دِيَانَتِهِ، وَدِيَانَتُهُ هِيَ التَّصْدِيقُ وَالإِْقْرَارُ بِرِسَالَةِ ذَلِكَ الرَّسُولِ مَعَ الإطَاعَةِ لأوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، حَتَّى لَوِ ادَّعَى هَذَا الْوَلِيُّ الاسْتِقْلالَ بِنَفْسِهِ وَعَدَمَ الْمُتَابَعَةِ لَمْ يَكُنْ وَلِيَّاً .

وبناء على ذلك:

فإنَّ مَدَّ اليَدِ الشَّريفَةِ من القَبرِ الشَّريفِ وتَقبيلَها لَيسَت من الأُمورِ المُستَحيلَةِ شَرعاً، بل هيَ جائِزَةٌ ومُمكِنَةٌ شَرعاً.

وأمَّا تَصديقُ أو تَكذيبُ ما هوَ مَنسوبٌ إلى سَيِّدِنا أحمَدَ الرِّفاعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى فلا يَضُرُّ في دِينِ العَبدِ، لأنَّهُ لا يَجِبُ عَلَيهِ شَرعاً تَصديقُ الكَراماتِ إلا ما وَرَدَ عن طَريقِ الكِتابِ أو السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، وأمَّا ما عَدا ذلكَ فلا حَرَجَ من إنكارِها. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
27534 مشاهدة