أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

422 - أخذ الأجرة على الكفالة, والكفيل بنك ربوي

23-07-2007 2 مشاهدة
 السؤال :
مَا حُكْمُ أَخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى الكَفَالَةِ؟ مَعَ العِلْمِ بِأَنَّ الكَفِيلَ هُوَ بَنْكٌ رِبَوِيٌّ، حَيْثُ يَقُومُ بِكَفَالَةِ أَحَدِ التُّجَّارِ عِنْدَ شَرِكَةٍ مِنَ الشَّرِكَاتِ، فَيَأْخُذُ أُجْرَةً عَلَى كَفَالَتِهِ، فَإِذَا تَأَخَّرَ التَّاجِرُ في الدَّفْعِ سَدَّدَ عَنْهُ البَنْكُ، وَأَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ البَنْكُ الرِّبَوِيُّ مَا سَدَّدَ عَنْهُ مَعَ نِسْبَةٍ رِبَوِيَّةٍ مَعْلُومَةٍ.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 422
 2007-07-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الكَفَالَةُ مَشْرُوعَةٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ، فَمِنَ الكِتَابِ قَوْلُهُ تعالى: ﴿قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: 72].

وَمِنَ السُّنَّةِ مَا أَخْرَجَهُ الترمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الخُطْبَةِ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ: «العَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ، وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ». وَأَجْمَعَ الفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الكَفَالَةِ.

وَنَصَّ الفُقَهَاءُ بِالاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى الكَفَالَةِ، وَقَالُوا: لَو كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ جُعْلًا فَالجُعْلُ بَاطِلٌ، وَالضَّمَانُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ الجُعْلُ مَشْرُوطًا فِيهِ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ أَيْضًا، لِأَنَّ الكَفِيلَ مُلْتَزِمٌ، وَالالْتِزَامُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِرِضَاهُ.

وَقَدْ جَاءَ في قَرَارِ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ المُنْعَقِدِ في جِدَّةَ بِرَقَمِ 12 (12/2) ربيع الثاني 1406هـ، الموافق كانون الأول 1985مـ:

إِنَّ الكَفَالَةَ هِيَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ يُقْصَدُ بِهِ الإِرْفَاقُ وَالإِحْسَانُ، وَقَدْ قَرَّرَ الفُقَهَاءُ عَدَمَ جَوَازِ أَخْذِ العِوَضِ عَلَى الكَفَالَةِ، لِأَنَّهُ في حَالَةِ أَدَاءِ الكَفِيلِ مَبْلَغَ الضَّمَانِ يُشْبِهُ القَرْضَ الذي جَرَّ نَفْعًا، وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ شَرْعًا. اهـ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

1ـ الأُجْرَةُ إِذَا كَانَتْ مَشْرُوطَةً في عَقْدِ الكَفَالَةِ فَالعَقْدُ بَاطِلٌ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فَالعَقْدُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.

2ـ أَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَى الكَفَالَةِ حَرَامٌ، لِأَنَّهَا أَخْذُ مَالٍ مُقَابِلَ سَدَادِ الدَّيْنِ عَنِ المَدِينِ، فَبِأَيِّ حَقٍّ يَأْخُذُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ؟ لِأَنَّهُ مَا صَارَ مُلْتَزِمًا بِسَدَادِ دَيْنِ المَكْفُولِ عَنْهُ إِلَّا بِرِضَاهُ، فَصَارَ الكَفِيلُ مُقْرِضًا للمَكْفُولِ عَنْهُ، وَكُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبَا.

3ـ وَإِضَافَةً إلى ذَلِكَ رِضَا التَّاجِرِ بِعَقْدٍ فِيهِ شَرْطٌ رِبَوِيٌّ مَعَ البَنْكِ حَرَامٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَهُوَ ـ أَيْ: التَّاجِرُ ـ عِنْدَمَا يَرْضَى أنْ يُسَدِّدَ البَنْكُ الدَّيْنَ عَنْهُ إِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ السَّدَادُ مَعَ نِسْبَةٍ رِبَوِيَّةً هُوَ رِضًا بِإِطْعَامِ الرِّبَا، وَآكِلُ الرِّبَا وَمُؤْكِلُهُ سَوَاءٌ في الإِثْمِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ؛ وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» رواه الإمام مسلم. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2 مشاهدة
الملف المرفق