أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9357 - رجل بخيل على نفسه وعياله

05-01-2019 1365 مشاهدة
 السؤال :
رجل غنيٌّ جداً، ولكنه بخيل على نفسه وعياله، شديد البخل في المأكل والمشرب، ماذا تفعل الزوجة والأولاد القصر؟ وهل صحيح أن الإيمان والبخل لا يجتمعان في رجل واحد؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9357
 2019-01-05

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: اتَّفَقَتْ كَلِمَةُ الفُقَهَاءِ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسَاً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرَاً﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوف» رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَالنَّفَقَةُ الوَاجِبَةُ هِيَ بِمِقْدَارِ كِفَايَتِهَا، كَمَا هُوَ في العُرْفِ وَالعَادَةِ، لِمَا روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالمَعْرُوفِ».

وَكَذَلِكَ الحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ للأَوْلَادِ القُصَّرِ، وَعَلَى البَنَاتِ حَتَّى يَتَزَوَّجْنَ.

ثانياً: مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ البُخْلَ صِفَةٌ مَذْمُومَةٌ، وَأَنَّ الحِرْصَ عَلَى جَمْعِ المَالِ بِنَهَمٍ وَعَدَمَ إِنْفَاقِهِ في وُجُوهِهِ الشَّرْعِيَّةِ، مِنَ الصِّفَاتِ القَبِيحَةِ التي لَا يَلِيقُ بِالمُؤْمِنِ أَنْ يَتَخَلَّقَ بِهَا، وَقَدْ يُصِيبُهُ مِنَ الإِثْمِ مَا يُصِيبُهُ إِذَا كَانَتْ تِلْكَ الوُجُوهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَاجِبَةً عَلَيْهِ.

قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابَاً مُهِينَاً﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَاً خَلَفَاً، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكَاً تَلَفَاً» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِذَا صَحَّ كَلَامُ السَّائِلِ، فَللزَّوْجَةِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا البَخِيلِ بِمِقْدَارِ حَاجَتِهَا وَحَاجَةِ أَوْلَادِهَا القُصَّرِ، وَحَاجَةِ البَنَاتِ غَيْرِ المُتَزَوِّجَاتِ اللَّوَاتِي عِنْدَهَا، بِالمَعْرُوفِ، وَهِيَ مُـسْتَحْضِرَةٌ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبَاً﴾.

وَكَذَلِكَ يَجِبُ النُّصْحُ لِهَذَا الرَّجُلِ بِأَنْ يَتَخَلَّى عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ الذَّمِيمَةِ التي اتَّصَفَ بِهَا، وَلِيَعْلَمَ بِأَنَّ المَالَ سَوْفَ يَؤُولُ إلى الوَرَثَةِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا طَالَ العُمُرُ لَا بُدَّ مِنَ القَبْرِ، وَلِيَعْلَمَ بِأَنَّهُ مُحَاسَبٌ عَلَى هَذَا المَالِ هَلْ أَدَّى حَقَّ اللهِ تعالى فِيهِ أَمْ لَا؟

وَأَمَّا حَدِيثُ: لَا يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَالبُخْلُ في رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ لَيْسَ صَحِيحَاً، وَلَكِنْ جَاءَ في مُسْنَدِ الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي جَوْفِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِطُرُقِهِ وَشَوَاهِدِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1365 مشاهدة
الملف المرفق