أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1377 - كيف يتخلص من الوسواس؟

03-09-2008 20539 مشاهدة
 السؤال :
أعاني من الوسواس الذي سيقتلني، وقد حاولت بجميع الطرق التي تخطر ببال أي شخص للتخلص منه وأخيراً أقسمت على المصحف بأني إذا فعلت كذا يا رب ابليني بالسرطان، وبعد أيام أحسست بفداحة قسمي وبدأت بالبكاء والاستغفار، هل سيعاقبني الله على هذا القسم؟ وهل سأصاب بالمرض؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1377
 2008-09-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن دفع الوسواس يكون بذكر الله تعالى، وذلك لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}. {تذَّكروا} تعني: ذكروا الله تعالى، وذكروا قدرة الله تعالى، وذكروا ضعف الشيطان، وذكروا عداوته للإنسان، وذكروا قوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}. فعرفوا بأن هذه الوسوسة لشغلهم عن الله تعالى فأعرضوا عنها، وذكروا قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}. وذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ، فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بالله وَلْيَنْتَهِ) رواه البخاري.

والإنسان قد يبتلى بالوسوسة فيضيق صدره بسبب كراهيته لهذا الوسواس ويجاهد نفسه للتخلص منه بكثرة ذكر الله تعالى، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان واضع خطمه في قلب ابن آدم فإذا ذكر خنس، وإذا نسي التقم قلبه) رواه البيهقي.

وهذا من علامات الإيمان، كما أخرج الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ الله إِنَّا نُحَدِّثُ أَنْفُسَنَا بِالشَّيْءِ لَأَنْ يَكُونَ أَحَدُنَا حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُمْ إِلَّا عَلَى الْوَسْوَسَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ.

وروى الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ شَكَوْا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مَا يَجِدُونَ مِنْ الْوَسْوَسَةِ وَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله إِنَّا لَنَجِدُ شَيْئًا لَوْ أَنَّ أَحَدَنَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (ذَاكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ).

ولما رواه مسلم عن علقمة رضي الله عنه قال: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْوَسْوَسَةِ قَالَ: (تِلْكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ).

فمن أراد التخلص من الوسوسة فعليه بما يلي:

1. كثرة ذكر الله تعالى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

2. التعوذ بالله من الشيطان عند الوسوسة.

3. أن لا يلتفت إلى الوسوسة، ويلتفت إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الحق في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.

4. أن يتحقق المبتلى بالوسوسة بصفات عباد الرحمن الذين قال فيهم مولانا جل جلاله: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى الله مَتَابًا * وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَمًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}.

لأن الله تعالى قال للشيطان: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}.

5. أن يكون المبتلى مطمئناً بوجود الإيمان في قلبه، لأن الشيطان لا يأتي إلى قلب خال من الإيمان، كما أن السارق لا يأتي إلى بيت خراب لا مال فيه.

وبناء على ذلك:

فاعملي بهذه الوصايا، ثم استغفري الله من هذا القَسَم، وهذا لا يضرك إن شاء الله تعالى، لأن رحمة الله واسعة، والله تعالى لا يعجِّل، ولكن الإنسان كان عجولاً.

وأرجو الله أن يحفظكم من كل سوء ومكروه ، ويصرف عنا وعنكم وسوسة الشيطان. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
20539 مشاهدة