أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9115 - لا تكن سبباً للطعن في الدين

29-08-2018 1544 مشاهدة
 السؤال :
هناك بعض الرجال أصحاب لحى، وظاهرهم الصلاح، ولكنهم يسيئون التعامل مع الآخرين، مما يؤدي ذلك للطعن في أهل التقوى والصلاح، وللطعن في الدين، فما هي نصيحتك لهذه الفئة من الرجال؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9115
 2018-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى محمد بن نصر المروزي عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَرْثَدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الْإِسْلَامِ، اللهَ اللهَ لَا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ».

فَمَا مِنْ مُسْلِمٍ إِلَّا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى ثَغْرٍ مِنْ ثُغَرِ الإِسْلَامِ، فَالحَذَرَ كُلَّ الحَذَرِ مِنْ أَنْ يُطْعَنَ في دِينِ اللهِ تعالى بِسَبَبِ سُلُوكٍ وَتَصَرُّفٍ لَا يُرْضِي اللهَ تعالى، وَيَكُونَ سَبَبَاً للطَّعْنِ وَالتَّشْكِيكِ في الدِّينِ وَفِي أَهْلِهِ.

وَكُلُّ مَنْ كَانَ سَبَبَاً للاسْتِهْزَاءِ في الدِّينِ أَو الطَّعْنِ فِيهِ، أَو الطَّعْنِ في عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، يَكُونُ مُتَحَمِّلَاً الإِثْمَ الأَكْبَرَ فِيهِ.

فَالوَاجِبُ عَلَى المُسْلِمِ، وَخَاصَّةً مَنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الصَّلَاحَ أَنْ يَتَذَكَّرَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلَاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحَاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ﴾؟

الدَّعْوَةُ إلى اللهِ تعالى رِسَالَةٌ عَظِيمَةٌ وَمُهِمَّةٌ جَلِيلَةٌ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِالطَّرِيقِ الذي شَرَعَهُ اللهُ تعالى لَنَا بِقَوْلِهِ: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾.

وَمَنْ كَانَ مَظْهَرُهُ مَظْهَرَ صَلَاحٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الاقْتِدَاءُ بِسَيِّدِ الرُّسُلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً﴾.

فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا عُرِفَ عَنْهُ إِلَّا الصِّدْقُ في الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَالأَحْوَالِ، وَمَا عُرِفَ عَنْهُ إِلَّا الأَمَانَةُ، وَمَا عُرِفَ عَنْهُ إِلَّا حُبُّ الخَيْرِ للآخَرِينَ، وَمَا عُرِفَ عَنْهُ إِلَّا الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، فَمَا كَانَ يُقَابِلُ أَحَدَاً بِمَا يَكْرَهُ.

لَمْ يَكُنْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَحَّاشَاً وَلَا سَبَّابَاً وَلَا طَعَّانَاً، بَلْ كَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ خَلْقَاً وَخُلُقَاً.

وبناء على ذلك:

أَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الذينَ ظَاهِرُهُمُ الصَّلَاحُ: اتَّقُوا اللهَ تعالى في الأُمَّةِ، وَلَا تَكُونُوا مُنَفِّرِينَ، لِأَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ يُنَفِّرُ النَّاسَ عَنْ دِينِ اللهِ تعالى بِسُلُوكِهِ، وَكُلُّ مَنْ طَعَنَ في دِينِ اللهِ تعالى بِسَبَبِهِ يَكُونُ ذَلِكَ في صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِ.

كَمَا تَجْدُرُ الإِشَارَةُ هُنَا إلى أَنْ يَكُونَ الإِنْسَانُ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الطَّعْنِ في دِينِ اللهِ تعالى، وفي عِبَادِ الله الصَّالِحِينَ، بِسَبَبِ سُلُوكِ مَنْ ظَاهِرِهُمُ الصَّلَاحُ، أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.

فَمَا ذَنْبُ الإِسْلَامِ، وَمَا ذَنْبُ الصَّالِحِينَ، إِذَا أَسَاءَ مَنْ ظَاهِرِهُمُ الصَّلَاحُ؟

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلَاً، وَارْزُقْنَا أَحْسَنَ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1544 مشاهدة