عدد الزوار : 382579476
كتاب الصيام» مسائل متفرقة في الصيام | رقم الفتوى : 8217 | عدد الزوار : 1040 |
السؤال : | |
هل هناك دليل يحرم على المرأة الحائض والنفساء الصوم؟
2017-07-15 |
|
الاجابة : | |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ».
قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟».
قُلْنَ: بَلَى.
قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟».
قُلْنَ: بَلَى.
قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا».
الحَدِيثُ الشَّرِيفُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ في أَنَّ المَرْأَةَ لَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ أَيَّامَ حَيْضِهَا، وَهَذَا مَا أَكَّدَتْهُ النِّسَاءُ بِقَوْلِهِنَّ: بَلَى؛ أَيْ: يَتْرُكْنَ الصِّيَامَ كَمَا يَتْرُكْنَ الصَّلَاةَ.
وروى الإمام مسلم عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَـقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟
فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ (فِئَةٌ مِنَ الخَوَارِجِ كَانُوا يُوجِبُونَ قَضَاءَ الصَّلَاةِ عَلَى الحَائِضِ، وَسُمُّوا بِالحَرُورِيَّةِ نِسْبَةً إلى حَرُورَاءَ).
قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ.
قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ.
فَالأَمْرُ وَاضِحٌ عِنْدَ النِّسَاءِ أَنَّهُنَّ يَتْرُكْنَ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ أَيَّامَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَكَانَت هَذِهِ المَرْأَةُ تَسْأَلُ: لِمَاذَا نَقْضِي الصِّيَامَ وَلَا نَقْضِي الصَّلَاةَ؟
أَرَادَتْ أَنْ تَعْرِفَ العِلَّةَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَلْتَمِسَ وَجْهَ المَنْعِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، ثُمَّ تُؤْمَرَ بِقَضَاءِ الصِّيَامِ دُونَ الصَّلَاةِ.
فَأَحَالَتْهَا السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا إلى النَّصِّ، لِأَنَّ الدِّينَ يُؤْخَذُ بِالنَّقْلِ لَا بِالعَقْلِ، وَلَوْ كَانَ بِالعَقْلِ لَقَالَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ: مَا مَنَعَكِ مِنَ الصِّيَامِ؟ صُومِي، فَإِذَا صُمْتِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْكِ؛ وَلَكِنَّهَا عَلِمَتْ وَهِيَ الفَقِيهَةُ أَنَّ الصَّوْمَ يَحْرُمُ عَلَى المَرْأَةِ الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، كَمَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ، وَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى أَنَّهُ أَمَرَ المَرْأَةَ بِقَضَاءِ الصِّيَامِ دُونَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُتَكَرِّرَةٌ في كُلِّ يَوْمٍ، أَمَّا الصَّوْمُ فَفِي السَّنَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وبناء على ذلك:
فَيَحْرُمُ عَلَى المَرْأَةِ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا الصَّوْمُ، كَمَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ.
وَهَذَا الأَمْرُ مَعْلُومٌ عِنْدَ نِسَاءِ الصَّحَابَةِ وَأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَهَذَا مَا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الأُمَّةِ سَلَفَاً وَخَلَفَاً.
يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عِنْدَ شَرْحِ الحَدِيثِ: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ»: فَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا.
وَيَقُولُ الإِمَامُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: الحَائِضُ لَا تُصَلِّي؛ وَهَذَا بِالإِجْمَاعِ. اهـ.
وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ فَهُوَ الحَقُّ؛ وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرَاً﴾.
وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ صَلَاةِ وَصِيَامِ الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَقَالَ: يَجُوزُ للحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَنْ تَصُومَ؛ فَلْيَأْتِ بِالدَّلِيلِ.
لَقَدْ عَلِمَتِ النِّسَاءُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ الصَّوْمُ كَمَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ، مِنْ زَمَنِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى يَوْمِنَا هَذَا، وَمَا ثَبَتَ أَنَّ امْرَأَةً صَامَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا، وَمَا أَحَدٌ قَالَ لَهَا إِنْ صُمْتِ فَهُوَ خَيْرٌ لَكِ، كَمَا قَالَ تعالى في حَقِّ المُسَافِرِينَ: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
لِذَا يَحْرُمُ عَلَى المَرْأَةِ الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الصَّوْمُ، لِقَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟». هذا، والله تعالى أعلم.
2017-07-15 |
الفتوى | عدد الزيارات | التاريخ |
عاشر زوجته الصائمة | 3147 | 2018-09-28 |
صيام أيام التشريق | 320 | 2018-08-24 |
الدليل على وجوب قضاء الصيام | 2309 | 2018-06-27 |
مفطرات وغير مفطرات | 361 | 2018-05-25 |
السحور من التمر | 7922 | 2017-06-13 |
الوطء في الدبر في نهار رمضان | 7754 | 2017-06-13 |
صيام الجنب | 7555 | 2017-06-13 |
تذوق الطعام للصائم | 1635 | 2017-06-10 |
سمع النداء والإناء في يده | 1562 | 2017-06-10 |
الأكل والشرب عند أذان الفجر | 1807 | 2017-06-05 |
المزيد |