أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

437 - الانضمام إلى الدعوة السلفية

05-08-2007 0 مشاهدة
 السؤال :
مَا رَأْيُكُمْ في الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ وَهَلْ تَنْصَحُونَ بِالانْضِمَامِ إِلَيْهَا مَعَ العِلْمِ بِأَنَّهَا نَشِطَةٌ وَعَامِلَةٌ في الدَّعْوَةِ إلى اللهِ في هَذَا العَصْرِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 437
 2007-08-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أَنَا أَنْصَحُكَ أَخِي الكَرِيمُ أَنْ تَتَلَقَّى العِلْمَ مِنْ مَصَادِرِهِ الصَّافِيَةِ، دُونَ الْتِفَاتٍ إلى الأَسْمَاءِ، فَالمُهِمُّ هُوَ المُسَمَّى، وَالمُهِمُّ هُوَ الالْتِزَامُ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

ابْحَثْ عَنْ فَرْدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ تَحَقَّقَتْ بِالاتِّبَاعِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَخُذْ عَنْهُمْ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ إلى بَعْضِ صِفَاتِ مَنْ تَأْخُذُ عَنْهُمْ دِينَكَ، كَمَا رَوَى أَبُو يَعْلَى وَالبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ كَمَا في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ جُلَسَائِنَا خَيْرٌ؟

قَالَ: «مَنْ ذَكَّرَكُمُ اللهَ رُؤْيَتُهُ، وَزَادَ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَذَكَّرَكُمْ بِالْآخِرَةِ عَمَلُهُ».

ابْحَثْ عَنْ رَجُلٍ أَوْ جَمَاعَةٍ تُؤَثِّرُ فِيكَ بِحَالِهَا قَبْلَ قَالِهَا، وَتَرَى أَفْعَالَهَا مُطَابِقَةً لِأَقْوَالِهَا، وَيُذَكِّرُونَكَ بِأَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ بِالوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.

هَذَا الرَّجُلُ أَوْ هَذِهِ الجَمَاعَةُ إِذَا اتَّصَفَتْ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فَالْزَمْهَا، لِأَنَّهَا تُؤَثِّرُ فِيكَ تَأْثِيرًا صَحِيحًا، وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا وَصَلُوا إِلَى مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ إِلَّا مِنْ خِلَالِ صُحْبَتِهِمْ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي كَانَ قُرْآنًا يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ.

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ في كِتَابِ التَّوْبَةِ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ ـ وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟

قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ.

قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا تَقُولُ؟

قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا ذَاكَ؟».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ».

 هَذَا هُوَ التَّأْثِيرُ بِالحَالِ وَالمَقَالِ، بِبَرَكَةِ الْتِزَامِ الدَّاعِي، فَابْحَثْ عَنِ المُلْتَزِمِ وَالوَقَّافِ عِنْدَ حُدُودِ اللهِ، وَالمُلْتَزِمِ بِالأَدَبِ النَّبَوِيِّ في تَعَامُلِهِ مَعَ جَمِيعِ أَصْنَافِ الخَلْقِ.

فَيَا أَخِي الحَبِيبُ: خُذْ هَذَا الدِّينَ عَمَّنِ اسْتَقَامَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَا تَلْتَفِتْ إِلَى الأَسْمَاءِ، فَالاسْمُ لَا يَهُمُّ أَكْثَرَ مِنَ المُسَمَّى.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «يَابْنَ عُمَرَ، دِينَكَ دِينَكَ، إِنَّمَا هُوَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ، فَانْظُرْ عَمَّنْ تَأْخُذُ، خُذْ عَنِ الَّذِينَ اسْتَقَامُوا، وَلَا تَأْخُذْ عَنِ الَّذِينَ مَالُوا» أَوْرَدَهُ الخَطِيبُ في الكِفَايَةِ.

وَيَقُولُ بَعْضُ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ: العِلْمُ رُوحٌ تُنْفَخُ لَا مَسَائِلُ تُنْسَخُ، فَلْيَنَتْبَهِ المُتَعَلِّمُونَ عَمَّنْ يَأْخُذُونَ، وَلْيَنْتَبِهِ العَالِمُونَ لِمَنْ يُعْطُونَ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هَادِينَ مَهْدِيِّينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ، وَأَرِنَا الحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ وَحَبِّبْنَا فِيهِ، وَأَرِنَا البَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ وَكَرِّهْنَا فِيهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
0 مشاهدة