165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

هَؤُلَاءِ الشَّبَابُ الذينَ ضَمِنَ اللهُ تعالى لَهُمُ الحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ في الدُّنْيَا ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحَاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وَلَهُمُ الظِّلُّ الظَّلِيلُ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ» وَعَدَّ مِنْهُمْ: «وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَجِبُ عَلَيْنَا وَعَلَى شَبَابِ هَذِهِ الأُمَّةِ أَنْ يَعْرِفُوا المَعْرِفَةَ التَّامَّةَ عَزَائِمَ الأُمُورِ، وَعَالِيَ الهِمَمِ، وَأَنْ تَكُونَ إِرَادَاتُهُمْ تَحْتَ سُلْطَانِ شَرْعِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ لَا يَعِيشُوا عَبِيدَاً لِشَهَوَاتِهِمْ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ تَعِسَ عَبْدُ الشَّهْوَةِ، تَعِسَ عَبْدُ النِّسَاءِ، تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ.

يَا شَبَابَ هَذِهِ الأُمَّةِ، مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْكُمْ أَنْ تَقْرَأوا حَيَاةَ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ الذينَ نَالُوا شَرَفَ الاقْتِدَاءِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ في رَيْعَانِ الشَّبَابِ.

حَوَارِيُّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَا شَبَابَ هَذِهِ الأُمَّةِ، هَلْ تَعْرِفُونَ شَابَّاً مِنْ شَبَابِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اسْمُهُ الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟

إِنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ الإِسْلَامِ، وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ الأَشِدَّاءِ، وَعَظِيمٌ مِنَ العُظَمَاءِ، لَقَّبَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالحَوَارِيِّ، روى الإمام أحمد عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي، وَحَوَارِيِّ مِنْ أُمَّتِي».

وروى الشيخان عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيِّ الزُّبَيْرُ».

وَوَصَفَهُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: مَنْ عَهِدَ مِنْكُمْ إِلَى الزُّبَيْرِ، فَإِنَّ الزُّبَيْرَ عَمُودٌ مِنْ عُمُدِ الْإِسْلَامِ. رواه أبو نعيم في مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ.

نَشَأَ سَيِّدُنَا الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في بِيئَةٍ كَرِيمَةٍ، وَتَرَبَّى تَرْبِيَةً حَازِمَةً صَارِمَةً، صَحِيحٌ أَنَّ أَبَاهُ العَوَّامَ بْنَ خُوَيْلِدَ قَدْ قُتِلَ يَوْمَ الفُجَّارِ، يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ الجَاهِلِيَّةِ، لَكِنَّ أُمَّهُ صَفِيَّةَ بِنْتَ عَبْدِ المُطَّلِبِ، عَمَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، رَبَّتْهُ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ عَلَى الرُّجُولَةِ وَالبَأْسِ وَالشَّجَاعَةِ وَالشِّدَّةِ، يَرْوِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرُ فَيَقُولُ: كَانَتْ صَفِيَّةُ تَضْرِبُ الزُّبَيْرَ ضَرْبَاً شَدِيدَاً  وَهُوَ يَتِيمٌ. فَقِيلَ لَهَا: قَتَلْتِهِ، خَلَعْتِ فُؤَادَهُ، أَهْلَكْتِ هَذَا الْغُلامَ.

قَالَتْ: إِنَّمَا أَضْرِبُهُ كَيْ يَلَبْ، وَيَجُرَّ الْجَيْشَ ذَا الْجَلَبْ. / الطبقات الكبرى.

تَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهَا تَضْرِبُهُ كَي يَعْقِلَ وَيَرْشُدَ وَيَقُودَ الجُيُوشَ وَلَا يَقَرَّ في بَيْتِهِ كَالنِّسَاءِ.

لَقَدْ كَانَتْ صَفِيَّةُ تَهْدِفُ مِنْ هَذَا أَنْ تَنْتَزِعِ مِنْ نَفْسِهِ الخَوْفَ وَالجُبْنَ وَالجَزَعَ، وَأَنْ تُرَبِّيَهُ مُنْذُ الطُّفُولَةِ عَلَى الشَّجَاعَةِ وَالبَأْسِ وَالإِقْدَامِ وَالرُّجُولَةِ.

وَقَدْ كَانَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَمَا طَمِحَتْ أُمُّهُ وَتَمَنَّتْ، رَجُلَاً لَا كَالرِّجَالِ، وَفَارِسَاً لَا كَالفُرْسَانِ، كَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في أَلْفِ رَجُلٍ كَمَا وَصَفَهُ الفَارُوقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَسْلَمَ عَلَى يَدِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَانَ سَيِّدُنَا الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنَ السَّابِقِينَ إلى الإِسْلَامِ، كَانَ الرَّابِعَ أَو الخَامِسَ مِمَّنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الصِّدِّيقِ، وَعَلَى يَدِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلَاً مُؤَلِّفَاً لِقَوْمِهِ مُحَبَّبَاً سَهْلَاً، وَكَانَ أَنْسَبَ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشِ وَأَعْلَمَ قُرَيْشٍ بِهَا، وَبِمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَكَانَ رَجُلَاً تَاجِرَاً، ذَا خُلُقٍ وَمَعْرُوفٍ، وَكَانَ رِجَالُ قَوْمِهِ يَأْتُونَهُ وَيَأْلَفُونَهُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الأَمْرِ لِعِلْمِهِ وَتِجَارَتِهِ وَحُسْنِ مُجَالَسَتِهِ، فَجَعَلَ يَدْعُو إلَى اللهِ وَإِلَى الإِسْلَامِ مَنْ وَثِقَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ مِمَّنْ يَغْشَاهُ وَيَجْلِسُ إلَيْهِ.

قَالَ: فَأَسْلَمَ بِدُعَائِهِ ـ فِيمَا بَلَغَنِي ـ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِب، وَالزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ؛ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ؛ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَاصٍّ، وَاسْمُ أَبِي وَقَاصٍّ مَالِكُ بْنُ أُهَيْب بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، فَجَاءَ بِهِمْ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَجَابُوا لَهُ فَأَسْلَمُوا وَصَلُّوا.

صَاحَبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَنْ بُعِثَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَسْلَمَ سَيِّدُنَا الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ صَغِيرُ السِّنِّ، يَافِعَ الصِّبَا، أَسْلَمَ وَعُمُرُهُ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ، وَقِيلَ: عُمُرُهُ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَنَةً، رَافَقَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَصَاحَبَهُ مُنْذُ أَيَّامِهِ الأُولَى، وَتَابَعَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خُطْوَةً بَعْدَ خُطْوَةٍ، وَعَاصَرَ نُزُولَ القُرْآنَ آيَةً بَعْدَ آيَةٍ، إلى أَنِ اخْتَارَهُ اللهُ تعالى إلى جِوَارِهِ.

نَعَمْ لَقَدْ أَسْلَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ في رَيْعَانِ الشَّبَابِ، وَشَاءَ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى أَنْ يَصْنَعَ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَى عَيْنِهِ بِمَا قَدَّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ مِحْنَةٍ قَاسِيَةٍ عَلَى يَدِ قُرَيْشٍ.

كَانَ سَيِّدُنَا الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَحَدَ السَّابِقِينَ الذينَ اكْتَوَوا بِنَارِ المِحْنَةِ، وَصَبَرُوا لِأَمْرِ اللهِ تعالى، وَثَبَتُوا عَلَى إِسْلَامِهِمْ.

روى الحاكم عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَهَاجَرَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ عَمُّ الزُّبَيْرِ يُعَلِّقُ الزُّبَيْرَ فِي حَصِيرٍ، وَيُدَخِّنُ عَلَيْهِ بِالنَّارِ، وَيَقُولُ: ارْجِعْ إِلَى الْكُفْرِ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لَا أَكْفُرُ أَبَدَاً.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الابْتِلَاءُ وَالمِحْنَةُ قَدَرُ اللهِ تعالى عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَأَحْبَابِهِ وَأَصْفِيَائِهِ، في كُلِّ زَمَانٍ وَفي كُلِّ مَكَانٍ ـ وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللهَ تعالى العَافِيَةَ ـ هَذَا الابْتِلَاءُ مِنْ أَجْلِ رَفْعِ دَرَجَاتِهِمْ، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ﴾. وَالقَائِلُ: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾.

وروى الإمام أحمد عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟

قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ، فَالْأَمْثَلُ، حَتَّى يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ، ذَاكَ فَإِنْ كَانَ صُلْبَ الدِّينِ ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ ذَاكَ ـ وَقَالَ مَرَّةً: أَشَدُّ بَلَاءً ـ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ ذَاكَ ـ وَقَالَ مَرَّةً: عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ـ فَمَا تَبْرَحُ الْبَلَايَا عَنِ العَبْدِ، حَتَّى يَمْشِيَ فِي الْأَرْضِ ـ يَعْنِي ـ وَمَا إِنْ عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ»

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذَا الصَّحَابِيُّ الجَلِيلُ، الذي أَسْلَمَ في سِنِّ الشَّبَابِ، وَتَحَمَّلَ الأَذَى في سَبِيلِ اللهِ تعالى، وَجَعَلَ هَمَّهُ وَهَوَاهُ أَنْ يَنْدَرِجَ تَحْتَ قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعَاً لِمَا جِئْتُ بِهِ» رواه ابن أبي عاصم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

فَكَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَهْلَاً لِأَنْ يَكُونَ أَحَدَ الـعَشَرَةِ الـمُبَشَّرِينَ بِالجَنَّةِ، لَقَدْ كَانَ رَفِيعَ الخِصَالِ، عَظِيمَ الشَّمَائِلِ، يَأْخُذُ بِمَعَالِي الأُمُورِ، وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا.

لَقَدْ كَانَ مَضْرِبَ مَثَلٍ لِكُلِّ شَابٍّ يُرِيدُ عِزَّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَيُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُ لِسَانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ، وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ وُدَّاً في قُلُوبِ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ.

اللَّهُمَّ أَلْحِقْنَا بِهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين.

**   **   **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 7/ جمادى الأولى /1441هـ، الموافق: 2/ كانون الثاني / 2020م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم

13-03-2020 1396 مشاهدة
170ـ موقف الفاروق رضي الله عنه من شارب الخمر

نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الوُقُوفِ أَمَامَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ... المزيد

 13-03-2020
 
 1396
13-02-2020 1960 مشاهدة
169ـ هكذا كان أبو الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

الحِرْصُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ مَطْلَبٌ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ مَسْؤُولَانِ عَنِ الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ ... المزيد

 13-02-2020
 
 1960
23-01-2020 2596 مشاهدة
168ـ إسلام أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ، فَهَلِ الوَاحِدُ مِنَّا حَرِيصٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى؟ لِأَنَّ الذي يَصْطَفي لِنَفْسِهِ صَاحِبَاً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّهِ لِصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ صَاحِبَهُ في ... المزيد

 23-01-2020
 
 2596
16-01-2020 991 مشاهدة
167ـ الزبير نموذج للغني المسلم

لَقَدْ طَبَعَ اللهُ تعالى الإِنْسَانَ عَلَى حُبِّ المَالِ، وَجَعَلَهُ مِنِ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ ... المزيد

 16-01-2020
 
 991
09-01-2020 1329 مشاهدة
166ـ حب سيدنا الزبير رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ حُبَّ اللهِ تعالى، وَحُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيَانِ للإِنْسَانِ الكَمَالَ وَالشَّرَفَ وَالعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ وَالمَكَانَةَ، بَلْ يُعْطِيَانِ الُمؤْمِنَ القُدْرَةَ ... المزيد

 09-01-2020
 
 1329
26-12-2019 851 مشاهدة
164ـ ﴿إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ﴾

الأَصْلُ الأَصِيلُ في الإِنْسَانِ السَّوِيِّ خُلُقُ المَحَبَّةِ لَا خُلُقُ الكَرَاهِيَةِ، فَالمُؤْمِنُ صَاحِبُ قَلْبٍ مُشْرِقٍ دَائِمَاً، مُنْفَتِحٍ لِكُلِّ عِبَادِ اللهِ تعالى، يُرِيدُ الخَيْرَ لِجَمِيعِ خَلْقِ اللهِ تعالى، وَإِذَا أَبْغَضَ ... المزيد

 26-12-2019
 
 851

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413710495
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :