امرأة ابتلاها الله تعالى بالسخرية

11452 - امرأة ابتلاها الله تعالى بالسخرية

29-08-2021 97 مشاهدة
 السؤال :
أَنَا امْرَأَةٌ ابْتَلَانِي اللهُ تعالى بِالسُّخْرِيَةِ مِنَ الآخَرِينَ، فَمَا السَّبِيلُ للتَّوْبَةِ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11452
 2021-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالسَّبِيلُ للتَّخَلُّصِ مِنَ السُّخْرِيَةِ مِنَ الآخَرِينَ الْتِزَامُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.

مَنْ مِنَّا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ، خَاسِرًا يَوْمَ القِيَامَةِ، بِحَيْثُ يَكُونُ مِنَ المُفْلِسِينَ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟».

قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ.

فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ». هَذَا أولًا.

ثانيًا: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ حَذَّرَ السَّاخِرِينَ وَالهَمَّازِينَ وَالعَيَّابِينَ مِنَ العَذَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾.

الهَمْزُ يَكُونُ بِالإِشَارَةِ، وَاللَّمْزُ يَكُونُ بِالقَوْلِ، وَاللَّمَّازُ هُوَ العَيَّابُ الطَّعَّانُ.

ثالثًا: إِذَا أَطْلَعَ اللهُ تعالى العَبْدَ عَلَى صِفَةِ نَقْصٍ في الآخَرِينَ، عَلَيْهِ أَنْ يَشْكُرَ اللهَ تعالى أَنْ عَافَاهُ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا عَلَّمَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الترمذي عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ، فَقَالَ: الحَمْدُ اللهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعَلَى هَذِهِ المَرْأَةِ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ تعالى مِنْ ذَلِكَ، وَذلِكَ بِاسْتِحْضَارِ الآخِرَةِ، فَإِنَّ الآخِرَةَ قَرِيبَةٌ وَلَيْسَتْ بِبَعِيدَةٍ، وَلْتَحْمَدِ اللهَ تعالى الذي عَافَاهَا مِمَّا ابْتَلَى بِهِ الآخَرِينَ، وَلْتَذْكُرْ قَوْلَ الإِمَامَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى:

لِسَانَكَ لَا تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ   ***   فَــكُلُّكَ عَوْرَاتٌ وَللنَّاسِ أَلْسُنُ

وَعَيْنُكَ إِنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَسَاوِئًا   ***   فَصُنْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ للنَّاسِ أَعْيُنُ

فَالسُّخْرِيَةُ وَالاسْتِهْزَاءُ وَالهَمْزُ وَاللَّمْزُ مِنَ الكَبَائِرِ، وَيُخْشَى عَلَى مَنْ وَقَعَ فِيهَا أَنْ يُعَاقَبَ بِمِثْلِهَا، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

97 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1223
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 233
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 590
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2851
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1256
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7540
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414031883
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :