الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَتَصْوِيرُ مَا لا رُوحُ فِيهِ من الجَمَادَاتِ والأَشجَارِ ونَحْوِهَا جَائِزٌ شَرعَاً ولا حَرَجَ فِيهِ، أمَّا تَصْوِيرُ ذِي رُوحٍ فلا يَجُوزُ. هذا أولاً.
ثانياً: مَا يَنبَغِي على المُصَلِّي أن يَجعَلَ أَمَامَهُ أو في سُجَّادَتِهِ شَيئَاً من التَّصَاوِيرِ، حَتَّى لا يَنشَغِلَ بِهَا، روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفاً عَنْ صَلَاتِي».
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ، فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي».
الخَمِيصَةُ: ثَوبٌ مُخَطَّطٌ من صُوفٍ؛ والأَعلامُ: نُقُوشٌ وزَخَارِيفٌ؛ والأَنْبِجَانِيَّةُ: كِسَاءٌ غَلِيظٌ لا نُقُوشَ فِيهِ.
وبناء على ذلك:
فإنَّ الصَّلاةَ على السُّجَّادَةِ التي فِيهَا صُورَةُ الكَعبَةِ لا حَرَجَ فِيهَا إذا لَم يَكُن عَلَيهَا نُقُوشٌ تَشغَلُ المُصَلِّي، ولَيسَ فِيهَا صُوَرٌ للطَّائِفِينَ حَولَ الكَعبَةِ المُشَرَّفَةِ.
كَمَا يَنبَغِي على المُصَلِّي على تِلكَ السُّجَّادَةِ أن يَعتَنِيَ بِهَا، ولا يَطَأَ بِقَدَمِهِ صُورَةَ الكَعبَةِ المُشَرَّفَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |