﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾

7158 - ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾

21-01-2016 2504 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى في حق فرعون: ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرَاً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7158
 2016-01-21

الحمد لله رب العالمين،وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيَاً وَعَدْوَاً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرَاً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾. هذهِ الآيَاتُ الكَرِيمَةُ تَتَحَدَّثُ عَن الطَّاغِيَةِ فِرْعَوْنَ تُجَاهَ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ، وَذَلِكَ حِينَ لَحِقَ فِرْعَوْنُ سَيِّدَنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ لِيَرُدُّوهُم عَن دِينِهِم، فَاعْتَرَضَهُم البَحْرُ، فَقَالَ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾. فَأَجَابَهُم سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾.

وَنَزَلَ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ في البَحْرِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى أَوْحَى إِلَيْهِ ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾.

وَتَبِعَهُ فِرْعَوْنُ لِحَمَاقَتِهِ وَطَيْشِهِ لِيَكُونَ هَلاكُهُ وَمَنْ مَعَهُ بالغَرَقِ في نَفْسِ البَحْرِ الذي جَاوَزَهُ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَمَنْ مَعَهُ.

فَلَمَّا أَحَاطَ المَوْتُ بهذا الطَّاغِيَةِ من كُلِّ مَكَانٍ، وَتَقَاذَفَهُ المَوْجُ، وَأَيْقَنَ أَنَّهُ من الهَالِكِينَ، قَالَ: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْـمُـسْلِمِينَ﴾.

وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، مَضَى وَقْتُ التَّوْبَةِ، وَمَضَى زَمَنُ الإِنَابَةِ والإِيمَانِ حِينَ حَلَّ الأَجَلُ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْـمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَاً أَلِيمَاً﴾.

وَأَرَادَ اللهُ تعالى أَنْ يُثَبِّتَ هذهِ الآيَةَ وَيُؤَكِّدَهَا وَيَرْفَعَ عَنْهَا أَيَّ شَكٍّ، فَقَضَى أَنْ تَظْهَرَ جُثَّةُ فِرْعَوْنَ هَامِدَةً بَارِدَةً على الشَّاطِئِ لِيَرَاهَا قَوْمُهُ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَبْلَغَ في إِقَامَةِ العِظَةِ والعِبْرَةِ عَلَيْهِم، قَالَ تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرَاً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾.

لِأَنَّ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ شَكُّوا في مَوْتِ فِرْعَوْنَ، فَأَمَرَ اللهُ تعالى البَحْرَ الذي هُوَ جُنْدِيٌّ من جُنُودِ اللهِ تعالى أَنْ يُلْقِيَ جَسَدَهُ الخَبِيثَ بِلا رُوحٍ وَعَلَيْهِ دِرْعُهُ المَعْرُوفَةُ على مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ من الأَرْضِ لِيَتَحَقَّقُوا مَوْتَهُ وَهَلاكَهُ، فَكَانَ آيَةً لِمَنْ رَآهُ حِينَهَا، وَكَانَ آيَةً لِكُلِّ مَنْ سَمِعَ قِصَّتَهُ في القُرْآنِ العَظِيمِ.

وبناء على ذلك:

فَإِنَّ بَدَنَ فِرْعَوْنَ نَجَا يَوْمَهَا من الضَّيَاعِ أَو التَّحَلُّلِ، لِيَكُونَ آيَةً على كَذِبِهِ وَادِّعَائِهِ عِنْدَمَا قَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الْـمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾. وَلِيَكُونَ آيَةً لِكُلِّ مَنْ سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ أَنْ يَكُونَ فِرْعَوْنَاً على قَوْمِهِ ﴿وَإِنَّ كَثِيرَاً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾. هذا،والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2504 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 238
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1443
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 627
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1680
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1435
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 954
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414276877
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :