الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: يَحْرُمُ شَرْعَاً تَعْذِيبُ الحَيَوَانِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
ثانياً: ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ الحَيَوَانَ المَأْكُولَ إِذَا كَانَ سَمَكَاً أَوْ جَرَادَاً فلا حَاجَةَ لِتَذْكِيَتِهِ، لِأَنَّ مِيتَتَهُمَا طَاهِرَةٌ حَلالٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحَلَالُ مَيْتَتُهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
ولما رواه الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ».
ثالثاً: يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في المَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُكْرَهُ ذَبْحُ السَّمَكِ، إلا أَنْ يَكُونَ كَبِيرَاً يَطُولُ بَقَاؤُهُ فَوَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) يُسْتَحَبُّ ذَبْحُهُ رَاحَةً لَهُ (والثَّانِي) يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ لِيَمُوتَ بِنَفْسِهِ.
وبناء على ذلك:
فَيَحْرُمُ شَرْعَاً ضَرْبُ السَّمَكِ بَعْدَ صَيْدِهِ حَتَّى يَمُوتَ، لِوُجُودِ طَرِيقَةٍ خَيْرٍ من ضَرْبِهِ، وَذَلِكَ بِتَرْكِهِ حَتَّى يَمُوتَ، أو بِذَبْحِهِ.
وَإِذَا ضَرَبَ الصَّيَّادُ السَّمَكَ حَتَّى يَمُوتَ كَانَ آثِمَاً في ذَلِكَ، وَلَكِنْ هذا لا يَمْنَعُ من أَكْلِ السَّمَكَ المَيْتِ بالضَّرْبِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى أَحَلَّ أَكْلَهُ مَيْتَاً. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
