«مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ»

8258 - «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ»

08-08-2017 3591 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى هذا الحديث الشريف: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنَاً فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنَاً بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8258
 2017-08-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإمام البخاري عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنَاً فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنَاً بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ».

أولاً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ» يَعْنِي مَنْ قَالَ في أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ كَاذِبَاً، وَكَانَ مُتَعَمِّدَاً الكَذِبَ، فَهُوَ كَمَا قَالَ، كَمَنْ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: أَنَا مَا قُلْتُ وَلَا فَعَلْتُ أَمْرَ كَذَا ـ وَهُوَ فَاعِلُهُ ـ وَإِنْ كُنْتُ قُلْتُ أَو فَعَلْتُ فَهُوَ يَهُودِيٌّ؛ فَهَذَا قَدِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنَ الكَبَائِرِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنَ المِلَّةِ إِنْ كَانَ يَرْضَى بِالكُفْرِ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِالكُفْرِ فَهُوَ فَاسِقٌ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى في الحَالَتَيْنِ.

ثانياً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ» يَعْنِي مَنْ نَذَرَ نَذْرَاً لَا يُطِيقُهُ، وَيَلْحَقُهُ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ كَبِيرَةٌ، كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ، أَوْ نَذَرَ نَذْرَاً لَا يَمْلِكُ ثَمَنَهُ، فَهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الوَفَاءُ بِهَذَا النَّذْرِ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، قَالَ تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرَاً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾.

ثالثاً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» يَعْنِي المُنْتَحِرُ يُعَاقَبُ يَوْمَ القِيَامَةِ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ، وَقَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَاً مُخَلَّدَاً فِيهَا أَبَدَاً، وَمَنْ شَرِبَ سُمَّاً فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَاً مُخَلَّدَاً فِيهَا أَبَدَاً، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَاً مُخَلَّدَاً فِيهَا أَبَدَاً». فَالانْتِحَارُ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ.

رابعاً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنَاً فَهُوَ كَقَتْلِهِ» يَعْنِي لَعْنُ المُؤْمِنِ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، فَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنَاً كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ كَإِثْمِ القَاتِلِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى؛ وَاللَّعْنُ لَيْسَ مِنْ شِيَمِ الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ.

خامساً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنَاً بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ» يَعْنِي الإِقْدَامُ عَلَى تَكْفِيرِ المُسْلِمِ أَمْرٌ خَطِيرٌ، وَزَلَلٌ عَظِيمٌ، وَيَكْفِي قَاذِفَ المُؤْمِنِ بِالكُفْرِ قَوْلُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ دَعَا رَجُلَاً بِالْكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُوُّ اللهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ (بَاءَ وَرَجَعَ)». هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3591 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2023-11-23
 4800
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟
 السؤال :
 2023-09-17
 4257
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَضَ إِحْضَارَ كِتَابٍ أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ للأُمَّةِ، حَتَّى لَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ؟
 السؤال :
 2023-08-07
 3476
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ»؟
 السؤال :
 2023-02-25
 3551
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 1989
لَقَدِ انْتَشَرَتْ في صُفُوفِ النِّسَاءِ الأَحَادِيثُ المَكْذُوبَةُ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَلِ بَعْضِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَتَظَاهَرْنَ بِأَنَّهُنَّ دَاعِيَاتٌ إلى اللهِ تعالى، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟
 السؤال :
 2022-09-09
 3736
هُنَاكَ بَعْضُ المُشَكِّكِينَ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُونَ: أَيْنَ المُسَاوَاةُ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ خِلَالِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ»؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414236079
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :