الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَأَلْفَاظُ الطَّلَاقِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ كِنَايَةً، فَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ صَرِيحَاً فَلَا يَحْتَاجُ إلى نِيَّةٍ، وَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ نَوَى الزَّوْجُ أَمْ لَمْ يَنْوِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ اللَّفْظُ كِنَايَةً فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ.
وَاخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في لَفْظَيْنِ، هَلْ هُمَا كِنَائِيَّانِ في الطَّلَاقِ، أَمْ صَرِيحَانِ، هَذَانِ اللَّفْظَانِ هُمَا: سرَّحْتُكِ، وَفَارَقْتُكِ.
ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ مِنْ أَلْفَاظِ الكِنَايَةِ في الطَّلَاقِ، لِعَدَمِ اشْتِهَارِ الطَّلَاقِ فِيهِمَا، وَيُسْتَعْمَلَانِ في الطَّلَاقِ وَفي غَيْرِهِ.
وَخَالَفَ الشَّافِعِيَّةُ الجُمْهُورَ في القَوْلِ المَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، إلى أَنَّ أَنَّهُمَا لَفْظَانِ صَرِيحَانِ في الطَّلَاقِ، لِوُرُودِهِمَا في القُرْآنِ الكَرِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحَاً جَمِيلَاً﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلَّاً مِنْ سَعَتِهِ﴾.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا قَالَ الرَّجُلِ لَزْوَجِتِهِ: سَرَّحْتُكِ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ طَلَاقَاً، لَا يَقَعُ بِذَلِكَ الطَّلَاقُ عَلَى الزَّوْجَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، مَا لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ، خِلَافَاً للشَّافِعِيَّةِ الذينَ قَالُوا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ لَفْظٌ صَرِيحٌ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَاجُ إلى نِيَّةٍ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |