الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالوَاجِبُ عَلَى المُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ أَنْ يُفَكِّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَنْ يُكْرِمَهُ اللهُ تعالى بِدُخُولِ الجَنَّةِ التي قَالَ اللهُ تعالى فِي نَعِيمِ أَهْلِهَا: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلَاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ الزَّوَاجَ مِنْ أَبْلَغِ مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ، وَهُوَ مُحَقَّقٌ لِأَهْلِ الجَنَّةِ ذُكُورَاً وَإِنَاثَاً، فَالمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ يُزَوِّجُهَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِزَوْجِهَا الصَّالِحِ الذي كَانَ زَوْجَاً لَهَا في الدُّنْيَا، قَالَ تعالى مُخْبِرَاً عَنْ دُعَاءِ حَمَلَةِ العَرْشِ: ﴿رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
وَقَالَ تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾.
وَإِذَا كَانَتِ المَرْأَةُ صَالِحَةً وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَو مَاتَتْ وَهِيَ بِكْرٌ، فَاللهُ تعالى يُزَوِّجُهَا رَجُلَاً صَالِحَاً في الجَنَّةِ، حَتَّى تَقَرَّ عَيْنُهَا، وَيُحَقِّقُ لَهَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُهَا الزَّكِيَّةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ التَّقِيَّةُ.
وبناء على ذلك:
فَمَنْ مَاتَتْ مِنَ النِّسَاءِ وَهِيَ صَالِحَةٌ، يُزَوِّجُهَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ زَوْجِهَا الصَّالِحِ في الدُّنْيَا، وَإِذَا كَانَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ زَوْجٍ فَإِنَّهَا تَخْتَارُ أَحْسَنَهُمَا خُلُقَاً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ، أَ كَانَ زَوْجُهَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى، فَإِنَّ اللهَ تعالى يُزَوِّجُهَا عَبْدَاً صَالِحَاً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَمِيِّ: «مَا فِيهَا مِنْ عَزَبٍ».
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |