19ـ إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

19ـ إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

19ـ إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ».

وَفي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ أَبَدًا، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرُ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَأَيْمُ اللهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ».

وَفي السُّنَنِ الصُّغْرَى للبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ».

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمَّا أُتِيَ كِسْرَى بِكِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَزَّقَهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُمَزَّقُ مُلْكُهُ».

وَعَنْ مُحَّمَدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ مَلِكِ فَارِسَ وَكَتَبَ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ، سَلَامُ اللهِ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآَمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ اللهِ، فَإِنِّي أَنَا رَسُولُ اللهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، لأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا، وَيِحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ، فَأَسْلِم تَسْلَمْ؛ فَإِنْ أَبَيْتَ، فَإِنَّ إِثْمَ الْمَجُوسِ عَلَيْك».

فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَقَّقَهُ وَقَالَ: يَكْتُبُ إِلَيَّ بِهَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ عَبْدِي؟

فَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّهُ شَقَّقَ كِتَابَهُ: «مُزِّقَ مُلْكُهُ».

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأْمِ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ (صَالَحَهُمْ عَلَى تَرْكِ القِتَالِ فِيهَا) فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا.

فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ؛ فَوَاللهِ لَوْلَا الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ.

ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟

قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ.

قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟

قُلْتُ: لَا.

قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟

قُلْتُ: لَا.

قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟

فَقُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ.

قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟

قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ.

قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟

قُلْتُ: لَا.

قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟

قُلْتُ: لَا.

قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟

قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا.

قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الكَلِمَةِ.

قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟

قُلْتُ: الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ.

قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟

قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ.

فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا؛ وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا؛ فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ؛ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ؛ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ؛ وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ؛ وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ؛ وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا؛ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ؛ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ؛ وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.

ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ» (وَالمُرَادُ بِالأَرِيسِيِّينَ الأَتْبَاعُ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ).

وَ ﴿يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ (أَيْ: عَظُمَ شَأْنُهُ) إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ (هُمُ الرُّومُ، وَكَانَ العَرَبُ يُطْلِقُونَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ نِسْبَةً إلى أَحَدِ عُظَمَائِهِمْ).

فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ عَلَيَّ الإِسْلَامَ.

............. فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ (أَيْ قَصْرٍ حَوْلَهُ أَو فِيهِ مَنَازِلُ للخَدَمِ وَأَشْبَاهِهِمْ) ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلَاحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟

فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَفِظْنَا أَنَّ قَيْصَرَ أَكْرَمَ كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعَهُ فِي مِسْكٍ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثَبَتَ مُلْكُهُ».

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَوَعَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَتْحَ فَارِسَ، وَالشَّامِ، فَأَغْزَى أَبُو بَكْرٍ الشَّامَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ فَتْحِهَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَفَتَحَ بَعْضَهَا، وَتَمَّ فَتْحُهَا زَمَانَ عُمَرَ وَفَتَحَ عُمَرُ الْعِرَاقَ وَفَارِسَ.

جَاءَ في البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ: وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: بَعَثَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَيَّامَ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى عُمَرَ بِقَبَاءِ كِسْرَى وَسَيْفِهِ وَمِنْطَقَتِهِ وَسِوَارَيْهِ وَسَرَاوِيلِهِ وَقَمِيصِهِ وَتَاجِهِ وَخُفَّيْهِ.

قَالَ: فَنَظَرَ عُمَرُ فِي وُجُوهِ القَوْمِ؛ وَكَانَ أَجْسَمَهُمْ وَأَبَدْنَهُمْ قَامَةً سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا سُرَاقُ، قُمْ فَالْبَسْ.

قَالَ سُرَاقَةُ: فَطَمِعْتُ فِيهِ، فَقُمْتُ فَلَبِسْتُ.

فَقَالَ: أُدَبِرْ فَأَدْبَرْتُ.

ثُمَّ قَالَ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلْتُ.

ثُمَّ قَالَ: بَخٍ بَخٍ، أُعَيْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ عَلَيْهِ قَبَاءُ كِسْرَى وَسَرَاوِيلُهُ وَسَيْفُهُ وَمِنْطَقَتُهُ وَتَاجُهُ وَخُفَّاهُ؛ رُبَّ يَوْمٍ يَا سُرَاقُ بْنَ مَالِكٍ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ فِيهِ هَذَا مِنْ مَتَاعِ كِسْرَى وَآلِ كِسْرَى، كَانَ شَرَفًا لَكَ وَلِقَوْمِكَ، انْزِعْ؛ فَنَزَعْتُ.

فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ مَنَعْتَ هَذَا رَسُولَكَ وَنَبِيَّكَ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنِّي وَأَكْرَمَ عَلَيْكَ مِنِّي، وَمَنَعْتَهُ أَبَا بَكْرٍ وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنِّي، وَأَكْرَمَ عَلَيْكَ مِنِّي، وَأَعْطَيْتَنِيهِ فَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكُونَ أَعْطَيْتَنِيهِ لِتَمْكُرَ بِي؛ ثُمَّ بَكَى حَتَّى رَحِمَهُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا بِعْتَهُ ثُمَّ قَسَّمْتَهُ قَبْلَ أَنْ تُمْسِيَ.

وَفي رِوَايَةِ البَيْهَقِيِّ: فلمَّا أَصْبَحَ غَدا مَعَهُ العَبَّاسُ بْنُ عَبدِ المطَّلِبِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوفٍ، أَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، أَو أَحَدُهُمَا أَخَذَ بِيَدِهِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ كَشَفُوا الأَنْطَاعَ عَنِ الأَمْوَالِ، فَرَأَى مَنظَرًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُ، رَأَى الذَّهَبَ فِيهِ، وَاليَاقُوتَ، وَالزَّبَرْجَدَ، وَاللُّؤْلُؤَ يَتَلَأْلَأُ، فَبَكَى.

فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ وَاللهِ مَا هُوَ بِيَوْمِ بُكَاءٍ، وَلَكِنَّهُ يَوْمُ شُكْرٍ وَسُرُورٍ.

فَقَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا ذَهَبْتُ حَيْثُ ذَهَبْتُ، وَلَكِنَّهُ مَا كَثُرَ هَذَا في قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا وَقَعَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى القِبْلَةِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ إلى السَّمَاءِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَكُونَ مُسْتَدْرَجًا، فَإِنِّي أَسْمَعُكَ تَقُولُ: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ، فَأُتِيَ بِأَشْعَرِ الذِّرَاعَيْنِ دَقِيقِهِمَا، فَأَعْطَاهُ سِوَارَيْ كِسْرَى.

فَقَالَ: الْبَسْهُمَا، فَفَعَلَ.

فَقَالَ: قُلْ: اللهُ أَكْبَرُ.

قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ.

قَالَ: قُلْ: الحَمْدُ للهِ الذي سَلَبَهُمَا كِسْرَى بْنَ هُرْمُزَ وَأَلْبَسَهُمَا سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ، أَعْرَابِيًّا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، وَجَعَلَ يَقْلِبُ بَعَضَ ذَلِكَ بَعضًا.

فَقَالَ: إِنَّ الذي أَدَّى هَذَا لَأَمِينٌ.

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَنَا أُخْبِرُكَ، أَنْتَ أَمِينُ اللهِ، وَهُمْ يُؤَدُّونَ إِلَيْكَ مَا أَدَّيْتَ إلى اللهِ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَفَعُوا.

قَالَ: صَدَقْتَ، ثُمَّ فَرَّقَهُ.

يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ:

أَوَّلًا: الثِّقَةُ بِاللهِ تعالى، وَتَصْدِيقُ وَعْدِهِ الذي لَا يُخْلَفُ، وَتَصْدِيقُ كَلَامِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْبَرَ، لَقَدْ هَلَكَ كِسرَى وَقَيْصَرُ، وَأُنْفِقَتْ كُنُوزُهُمَا في سَبِيلِ اللهِ تعالى.

كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى هَذَا الإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ، وَعْدُ اللهِ تعالى، وَوَعْدُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آتِيَانِ لَا مَحَالَةَ، فَلِمَاذَا القَلَقُ وَالضَّجَرُ وَالاضْطِرَابُ؟

ثَانِيًا: خَاطِبِ الآخَرِينَ مَهْمَا عَظُمَتْ رُتَبُهُمْ في الدُّنْيَا بِأُسْلُوبٍ حَكِيمٍ وَلَطِيفٍ، مَعَ العَطْفِ وَالحَنَانِ، ذَكِّرْهُمْ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِاليَوْمِ الآخِرِ، وَلَا تَخْشَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ تعالى، فَالمُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ العَزِيزُ الحَقِيقِيُّ، وَرَضِيَ اللهُ تعالى عَنْ سَيِدِنَا عُمَرَ القَائِلِ: إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ فَأَعَزَّنَا اللهُ بِالْإِسْلَامِ، فَمَهْمَا نَطْلُبُ الْعِزَّةَ بِغَيْرِ مَا أَعَزَّنَا اللهُ بِهِ أَذَلَّنَا اللهُ. رَوَاهُ الحَاكِمُ.

فَهَلْ نَعْتَزُّ بِإِسْلَامِنَا سُلُوكًا وَعَمَلًا، وَنُحْيِي سُنَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَمْ يَرَى البَعْضُ حَرَجًا في عِزَّتِهِ بِالإِسْلَامِ؟

وَاللهِ الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَو أَنَّ الأُمَّةَ اعْتَزَّتْ بِإِسْلَامِهَا سُلُوكًا وَعَمَلًا، لَرَأَيْتَ العَجَبَ العُجَابَ، وَلَرَأَيْتَ هَذِهِ الأُمَةَ مَتْبُوعَةً لَا تَابِعَةً.

ثَالِثًا: نَتَعَلَّمُ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ إِنْزَالَ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ، وَلَكِنْ بِدُونِ مُدَاهَنَةٍ وَلَا نِفَاقٍ، وَلَا إِقْرَارٍ عَلَى المُنْكَرَاتِ، وَنَسْتَحْضِرُ مِنْ خِلَالِهَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾.

لَقَدْ خَاطَبَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَوْمَ مِنْ خِلَالِ مَكَانَتِهِمْ: إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ؛ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ.

رَابِعَا: نَتَعَلَّمُ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ أَنَّ الإِسْلَامَ وَالاسْتِسْلَامَ لِأَوَامِرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ تَجْعَلُ العَبْدَ سَلِيمًا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَفي عَالَمِ البَرْزَخِ، «أَسْلِمْ تَسْلَمْ» بِالإِسْلَامِ وَالاسْتِسْلَامِ تَسْلَمُ عَلَى مَالِكِ وَعِرْضِكَ وَمَنْزِلَتِكَ، وَتَسْلَمُ إِذَا وُسِّدْتَ القَبْرَ، وَتَسْلَمُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَإِلَّا فَسَوْفَ يَنْدَمُ العَبْدُ المَغْرُورُ بِنِعْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾.

مِسْكِينٌ هَذَا المَغْرُورُ الذي مَا أَسْلَمْ وَلَمْ يَسْتَسْلِمْ لِأَوَامِرِ اللهِ تعالى، وَأَوَامِرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَسِيَ هَذَا المَغْرُورُ بِدَايَتَهُ وَنِهَايَتَهُ، نَسِيَ أَنَّ أَوَّلَهُ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ، وَأَنَّ آخِرَهُ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَنَّهُ يَحْمِلُ الآنَ العَذِرَةَ.

الانْتِقَامُ مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ مَغْرُورٍ مُحَقَّقٌ عَاجِلًا أَمْ آجِلًا، قَالَ تعالى: ﴿لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ﴾. وَقَالَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مُزِّقَ مُلْكُهُ».

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾.

وَقَالَ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾.

خَامِسًا: مِنْ أَقْبَحِ المُنْكَرَاتِ، وَأَرْذَلِ الأَخْلَاقِ، أَنْ يَكُونَ الإِنْسَانُ إِمَامًا في الشَّرِّ، مَتْبُوعًا وَدَاعِيًا وَهَادِيًا إلى غَيْرِ مَا يُرْضِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ﴾.

كَمْ هُوَ الفَارِقُ كَبِيرٌ بَيْنَ إِمَامٍ في الخَيْرِ، وَإِمَامٍ في الشَّرِّ، قَالَ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 17/ محرم /1445هـ، الموافق: 4/ آب / 2023م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  معجزات ودلائل نبوة خاتم الأنبياء والمرسلين

22-12-2023 231 مشاهدة
21ـ لترين الظعينة ترتحل من الحيرة

مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ بِهَا مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ حَبِيبَهُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَا رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ... المزيد

 22-12-2023
 
 231
08-09-2023 395 مشاهدة
20ـ الشاة المسمومة

مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ بِهَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، سَلَامَتُهُ مِنَ السُّمِّ المُهْلِكِ لِغَيْرِهِ، وَإِعْلَامُ اللهِ تعالى لَهُ أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ، ... المزيد

 08-09-2023
 
 395
28-07-2023 528 مشاهدة
18ـ ناولني الذراع

مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ كَانَ فِي مَجْلِسِ ... المزيد

 28-07-2023
 
 528
27-10-2022 393 مشاهدة
17ـ انكشاف الضمائر النفسية له صلى الله عليه وسلم

مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُعْجِزَةُ انْكِشَافِ الضَّمَائِرِ النَّفْسِيَّةِ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. ... المزيد

 27-10-2022
 
 393
05-08-2022 316 مشاهدة
16ـ معجزة كلام الشجر وانقياده

مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُعْجِزَةُ كَلَامِ الشَّجَرِ وَانْقِيَادِهِ. مَا مِنْ شَيْءٍ في الوُجُودِ إِلَّا وَيَشْهَدُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ ... المزيد

 05-08-2022
 
 316
21-07-2022 490 مشاهدة
15ـ معجزة البركة في الطعام

مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَكْرَمَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ البَرَكَةُ في الطَّعَامِ، حَيْثُ يَكْفِي القَلِيلُ مِنْهُ العَدَدَ الكَبِيرَ، وَمُدَّةً طَوِيلَةً مِنَ الزَّمَنِ؛ ... المزيد

 21-07-2022
 
 490

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414239740
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :