من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
48ـ اطلاعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على العوالم
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: الوَجْهُ الثَّانِي: اطِّلَاعُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى العَوَالِمِ، كَمَا صَحَّ في أَحَادِيثِ المِعْرَاجِ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عُرِجَ بِهِ إلى السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَدَخَلَهَا، وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَرَأَى فِيهَا مَا رَأَى، وَاجْتَمَعَ مَعَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، وَرَأَى آيَاتِهَا وَعَجَائِبَهَا، وَالتَّجَلِّيَاتِ المُتَوَارِدَةَ عَلَيْهَا، ثُمَّ إلى مُسْتَوَىً سَمِعَ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلَامِ، إلى مَا هُنَالِكَ مِنَ العَوَالِمِ العُلْوِيَّةِ.
كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَطْلَعَهُ اللهُ تعالى عَلَى عَالَمِ العَرْشِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ سَعَةَ العَرْشِ، وَأَنَّهُ أَوْسَعُ العَوَالِمِ، فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكُرْسِيِّ؟
فَقَالَ: «وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ عِنْدَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلَقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلَقَةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوِيه، وَكَذَلِكَ رَوَى نَحْوَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ، كَمَا في تَفْسِيرِ الحَافِظِ ابْنِ كَثِيرٍ.
كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ عَنِ العَرْشِ وَأَنَّ لَهُ قَنَادِيلَ، وَهِيَ العَوَالِمُ العَرْشِيَّةُ، وَأَنَّ لَهُ الظِّلَالَ، وَأَنَّ لَهُ القَوَائِمَ، وَأَنَّ لَهُ الكُنُوزَ كَمَا في الصَّحِيحَيْنِ: « . . . فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ».
وَتَحَدَّثَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَمَلَةِ العَرْشِ، وَعَنْ قُوَّةِ حَمَلَةِ العَرْشِ وَعِظَمِهِنَّ، كَمَا وَرَدَ في المُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَاً كَالمُوَدِّعِ، فَقَالَ: «أَنَا مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ» قَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي، أُوتِيتُ فَوَاتِحَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ وَجَوَامِعَهُ، وَعَلِمْتُ كَمْ خَزَنَةُ النَّارِ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَتُجُوِّزَ بِي، وَعُوفِيتُ، وَعُوفِيَتْ أُمَّتِي، فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا مَا دُمْتُ فِيكُمْ، فَإِذَا ذُهِبَ بِي، فَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، أَحِلُّوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ».
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللهِ تعالى مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ».
وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ: «مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ خَفَقَانُ الطَّيْرِ».
كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَطْلَعَهُ اللهُ تعالى عَلَى عَالَمِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَمُثِّلَتَا لَهُ، في عِدَّةِ مُنَاسَبَاتٍ، فَفِي حَدِيثِ المِعْرَاجِ: «ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ (جَمْعُ جَنْبَذَةٍ وَهِيَ القُبَّةُ) وَإِذَا تُرَابُهَا المِسْكُ».
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَطْلَعَهُ اللهُ تعالى عَلَى عَالَمِ البَرْزَخِ وَأَحْوَالِهِمْ وَشُؤُونَاتِهِمْ، وَعَالَمِ الحَشْرِ، وَأَحْوَالِ النَّاسِ فِيهِ، وَعَالَمِ العَرْضِ، وَعَالَمِ الحَوْضِ، وَأَخـْذِ الصُّحُفِ وَالحِسَابِ وَالمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ، وَأَحْوَالِ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَأَهْلِ النَّارِ، وَحَدَّثَ عَنْ جَمِيعِ تِلْكَ العَوَالِمِ وَفَصَّلَ أُمُورَهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
تاريخ الكلمة:
الجمعة: 8/شوال /1439هـ، الموافق: 22/ حزيران / 2018م
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد
بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد
عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ! ... المزيد
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد
رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد
بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد