من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
29ـ الوصايا الجامعة للحكم والآداب
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: الحَدِيثُ الأَرْبَعُونَ في وَصَايَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الجَامِعَةِ للحِكَمِ وَالآدَابِ:
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْصِنِي.
قَالَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ، فَإِنَّهُ زَيْنٌ لِأَمْرِكَ كُلِّهِ ـ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ: فَإِنَّهُ رَأْسُ الأَمْرِ كُلِّهِ ـ»
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي.
قَالَ: «عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّهُ ذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ، وَنُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي.
قَالَ: «عَلَيْكَ بِطُولِ الصَّمْتِ، فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ، وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ».
قُلْتُ: زِدْنِي.
قَالَ: «إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ، فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ».
قُلْتُ: زِدْنِي.
قَالَ: «قُلِ الْحَقَّ، وَإِنْ كَانَ مُرَّاً».
قُلْتُ: زِدْنِي.
قَالَ: «لَا تَخَفْ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ».
قُلْتُ: زِدْنِي.
قَالَ: «لِيَحْجِزْكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ، وَالحَاكِمُ ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ وَقَالَ: صَحِيحُ الإِسْنَادِ. كَمَا قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ في التَّرْغِيبِ.
وَجَاءَ في رِوَايَةِ صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بَعْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي.
قَالَ: «عَلَيْكَ بِالجِهَادِ، فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي.
قَالَ: «أَحِبَّ المَسَاكِينَ وَجَالِسْهُمْ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي.
قَالَ: «انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ تَحْتَكَ (أَيْ: مِنَ الأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ) وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ فَوْقَكَ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرِي نِعْمَةَ اللهِ عِنْدَكَ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي.
قَالَ: «قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرَّاً».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي.
قَالَ: «لِيَرُدَّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِكَ (أَيْ: لِيَمْنَعْكَ عَنِ التَّكَلُّمِ في النَّاسِ وَالوَقِيعَةِ فِيهِمْ، مَا تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ مِنَ العُيُوبِ، فَقَلَّمَا تَخْلُو أَنْتَ مِنْ عَيْبٍ يُمَاثِلُ عُيُوبَ النَّاسِ أَو أَقْبَحَ مِنْهُ، وَأَنْتَ تَشْعُرُ أَو لَا تَشْعُرُ بِذَلِكَ؛ كَمَا في شَرْحِ المَنَاوِيِّ)
وَلَا تَجِدْ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَأْتُونَ (أَيْ: وَلَا تَغْضَبْ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ مَعَكَ؛ يُقَالُ: وَجَدَ عَلَيْهِ مُوجَدَةً: غَضِبَ؛ اهـ شَرْحُ المَنَاوِيِّ عَلَى الجَامِعِ الصَّغِيرِ).
وَكَفَى بِكَ عَيْبَاً أَنْ تَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا تَجْهَلُ مِنْ نَفْسِكَ».
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ (كَمَا فِي الجَامِعِ الصَّغِيرِ رَامِزَاً إلى حَسَنِهِ؛ وَقَالَ الشَّارِحُ: وَرَوَاهُ أَيْضَاً عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابْنُ لَالَ وَالدَّيْلَمِيُّ): «وَكَفَى بِالمَرْءِ عَيْبَاً أَنْ يَكُونَ فِيِه ثَلَاثُ خِصَالٍ: أَنْ يَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا يَجْهَلُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَسْتَحْيِي لَهُمْ مِمَّا هُوَ فِيهِ، وَيُؤْذِي جَلِيسَهُ».
ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي، فقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ (أَيْ: الامْتِنَاعُ عَمَّا يَضْطَرِبُ القَلْبُ في تَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ) وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ (أَيْ: وَلَا مَجْدَ وَلَا شَرَفَ مِثْلُ حُسْنِ الخُلُقِ)».
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الخميس: 8/رمضان/1439هـ، الموافق: 24/ أيار / 2018م
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد
بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد
عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ! ... المزيد
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد
رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد
بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد