446ـ خطبة الجمعة: ماذا بعد رمضان؟

446ـ خطبة الجمعة: ماذا بعد رمضان؟

 

 446ـ خطبة الجمعة: ماذا بعد رمضان؟

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا عِبَادَ اللهِ، إِنَّ من شُكْرِ العَبْدِ لِنِعْمَةِ رَبِّهِ عزَّ وجلَّ بَعْدَ أَنْ وَفَّقَهُ للصِّيَامِ والقِيَامِ أَنْ يَسْتَمِرَّ على طَاعَةِ اللهِ عزَّ وجلَّ في حَيَاتِهِ كُلِّهَا، ومن عَلامَةِ قَبُولِ الحَسَنَةِ الحَسَنَةُ بَعْدَهَا، وإِنَّ من كُفْرِ النِّعْمَةِ، وعَلامَةِ رَدِّ العَمَلِ، العَوْدَةُ إلى المَعَاصِي بَعْدَ رَمَضَانَ.

يَا عِبَادَ اللهِ، تَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلَاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾.

فلا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نَهْدِمَ مَا بَنَيْنَا من الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ في شَهْرِ رَمَضَانَ، ولا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُضَيِّعَ أَعْمَالاً صَالِحَةً قَدَّمْنَاهَا للهِ تعالى في شَهْرِ رَمَضَانَ.

ماذا بَعْدَ رَمَضَانَ؟

يَا عِبَادَ اللهِ، ماذا بَعْدَ رَمَضَانَ؟ ماذا عن آثَارِ الصِّيَامِ في نُفُوسِنَا؟ لِنَنْظُرْ في حَالِنَا، ولْتنَتَأَمَّلْ في وَاقِعِ نُفُوسَنَا وأُمَّتِنَا، ونُقَارِنْ بَيْنَ وَضْعِنَا أَفْرَادَاً ومُجْتَمَعَاتٍ في شَهْرِ رَمَضَانَ، وحَالِنَا بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ.

هَلْ مَلأَتِ التَّقْوَى قُلُوبَنَا حَتَّى نَفُوزَ بالنَّجَاةِ من نَارِ جَهَنَّمَ؟ قَالَ تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمَاً مَقْضِيَّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيَّاً﴾. هَلْ سَنَسْمَعُ المُنَادِي يَقُولُ لَنَا عِنْدَ وُرُودِنَا النَّارَ بِبَرَكَةِ التَّقْوَى: جُزْ يَا مُؤْمِنُ، فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي؟ رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ يَعْلِي بن مُنْيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

يَا عِبَادَ اللهِ، لِنَتَأَمَّلْ في أَنْفُسِنَا وَوَاقِعِنَا، هَلْ صَلَحَتْ أَعْمَالُنَا وأَقْوَالُنَا، وتَحَسَّنَتْ أَخْلاقُنَا، وهَلْ اسْتَقَامَ سُلُوكُنَا؟ وهَلْ اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُنَا؟ وهَلْ زَالَتِ الضَّغَائِنُ والأَحْقَادُ والحَسَدُ من نُفُوسَنَا؟ هَلْ تَلاشَتِ المُنْكَرَاتُ عن مُجْتَمَعِنَا؟

أَمَا آنَ أَنْ تَنْتَهِيَ الحَرْبُ؟

يَا عِبَادَ اللهِ، أَمَا آنَ أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُنَا لِذِكْرِ اللهِ ومَا نَزَلَ من الحَقِّ؟ أَمَا آنَ أَنْ نَسْمَعَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارَاً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»؟ رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وقَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»؟ رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُما.

يَا عِبَادَ اللهِ، أَمَا آنَ لهذهِ الحَرْبُ أَنْ تَضَعَ أَوْزَارَهَا؟ أَمَا آنَ أَنْ تَنْتَهِيَ هذهِ التَّحْرِيشَاتُ بَيْنَ أَفْرَادَ الأُمَّةِ؟

يَا عِبَادَ اللهِ، اِتَّقُوا اللهَ في وَطَنِكُم، واتَّقُوا اللهَ في الضُّعَفَاءِ والمَسَاكِينِ والأَرَامِلِ واليَتَامَى والفُقَرَاءِ والمُحْتَاجِينَ.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ، أَمَا آنَ للأُمَّةِ أَنْ تَعْلَمَ بِأَنَّ الجَزَاءَ من جِنْسِ العَمَلِ، وأَنَّ مَن لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ، اِرْحَمُوا شَبَابَكُم فَقَد ضَاعُوا، وارْحَمُوا الطُّلَّابَ فَقَد ضَاعَتْ دِرَاسَاتُهُم، وارْحَمُوا رِجَالَكُم ونِسَاءَكُمُ الذينَ وَصَلُوا إلى سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ ويُرِيدُونَ أَبْنَاءَهُم أَنْ يَكُونُوا بِجَانِبِهِم، وارْحَمُوا أَهْلَ الفَقْرِ الذينَ لا يُرِيدُونَ إلا لُقْمَةَ الحَلالِ.

يَا عِبَادَ اللهِ، من عَلامَةِ قَبُولِ الصِّيَامِ أَنْ تَمْتَلِئَ قُلُوبُنَا بالتَّقْوَى، وأَهْلُ التَّقْوَى هُم أَهْلُ الصَّلاحِ والإِصْلاحِ، هُمُ الذينَ سَلِمَ المُسْلِمُونَ من أَلْسِنَتِهِم وأَيْدِيهِم.

اللَّهُمَّ امْلأْ قُلُوبَنَا إِيمَانَاً وتَقْوَى. آمين.

**        **     **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 1/شوال/1435هـ، الموافق: 17/ تموز/ 2015م

 2015-07-17
 5472
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

02-05-2024 224 مشاهدة
912ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (3)

الحَجُّ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ دِينِنَا العَظِيمِ، فَرَضَهُ اللهُ تعالى عَلَى عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ مَرَّةً في العُمُرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنِ الإِسْلَامِ ـ: ... المزيد

 02-05-2024
 
 224
26-04-2024 299 مشاهدة
911ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (2)

لَقَدْ أَكْمَلَ اللهُ تعالى وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْنَا بِهَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ، وَعَظُمَتْ نِعْمَةُ اللهِ تعالى عَلَيْنَا إِذْ فَرَضَ عَلَيْنَا الحَجَّ في العُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، للمُسْتَطِيعِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَمِنَ ... المزيد

 26-04-2024
 
 299
19-04-2024 475 مشاهدة
910ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (1)

أَتَوَجَّهُ إلى السَّادَةِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، لِأَقُولَ لَهُمْ: هَنيئًا لَكُمْ يَا مَنْ لَبَّيْتُمْ أَمْرَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ ... المزيد

 19-04-2024
 
 475
12-04-2024 1199 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 1199
09-04-2024 679 مشاهدة
908ـ خطبة عيد الفطر 1445 هـ:هنيئا لك يوم الجائزة إن كنت من المقبولين

هَا نَحْنُ في عِيدِ الفَطْرِ الذي جَاءَنَا بَعْدَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرِ القُرْآنِ شَهْرِ الصِّيَامِ وَالقُرْآنِ، لَقَدْ كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُذَكِّرًا لَنَا بِالنِّعْمَةِ العُظْمَى التي أَنْقَذَتِ البَشَرِيَّةَ مِنَ الضَّلَالِ ... المزيد

 09-04-2024
 
 679
04-04-2024 816 مشاهدة
907ـ خطبة الجمعة: شمروا عن ساعد الجد

هَا هُوَ الضَّيْفُ الكَرِيمُ يُلَوِّحُ بِالرَّحِيلِ، تَمْضِي أَيَّامُهُ مُسْرِعَةً كَأَنَّهَا حُلُمٌ جَمِيلٌ، مَا أَحْلَى أَيَّامَكَ يَا أَيُّهَا الضَّيْفُ الكَرِيمُ، وَمَا أَمْتَعَ صِيَامَكَ، لَقَدْ ذُقْنَا فِيكَ لَذَّةَ الإِيمَانِ، وَحَلَاوَةَ ... المزيد

 04-04-2024
 
 816

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414526260
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :