الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ هَذَا الحَدِيثُ القُدْسِيُّ في صَحِيحِ الإِمَامِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا بْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي.
قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟
قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟
يَا بْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي.
قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟
قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي.
يَا بْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي.
قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟
قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي».
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ القُدْسِيُّ صَحِيحٌ، وَمَعْنَاهُ وَاضِحٌ بِنَفْسِ الحَدِيثِ، فَمَنْ أَطْعَمَ أَصْحَابَ الحَاجَةِ خَاصَّةً، وَيَبْتَغِي بِذَلِكَ مَرْضَاةَ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى فَسَيَجِدُ ثَوَابَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ تعالى، وَهَذَا الحَدِيثُ كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾.
وَقَوْلُهُ تعالى في الحَدِيثِ: مَرِضْتُ، وَاسْتَطْعَمْتُكَ، وَاسْتَسْقَيْتُكَ، بَيَّنَهُ اللهُ تعالى بِنَفْسِهِ حَيْثُ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ وَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ وَقَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ.
فَاللهُ تَبَارَكَ وتعالى أَضَافَ ذَلِكَ إلى نَفْسِهِ للتَّرْغِيبِ في عِيَادَةِ المَرِيضِ، وَإِطْعَامِ الجَائِعِ، وَسِقَايَةِ العَطْشَانِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |