الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يَدْخُلُ وَقْتُ التَّضْحِيَّةِ عِنْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ في صِحَّتِهَا لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا في مِصْرٍ - مَدِينَةٍ وَلَيْسَتْ قَرْيَةً - أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بَعْدَ صَلَاةِ العِيدِ وَلَوْ قَبْلَ الخُطْبَةِ، إِلَّا أَنَّ الأَفْضَلَ تَأْخِيرُهُ إلى مَا بَعْدَ الخُطْبَةِ.
وَمَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَتَهُ وَهُوَ مُقِيمٌ في مِصْرٍ قَبْلَ صَلَاةِ العِيدِ، فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ، وَيُسَنُّ لَهُ خِلَالَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ أَنْ يُضَحِّيَ بِغَيْرِهَا، لِأَنَّهُ مَا أَتَى بِالنُّسُكِ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ».
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَبَحْتُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، فَقَالَ: «اجْعَلْهُ مَكَانَهُ وَلَنْ تُوفِيَ أَوْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِنَّ هَذِهِ الأُضْحِيَةَ مَا أَجْزَأَتْ صَاحِبَهَا لِكَوْنِهِ ذَبَحَهَا قَبْلَ صَلَاةِ العِيدِ وَهُوَ مُقِيمٌ في المِصْرِ، وَتُعْتَبَرُ لَحْمًا قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَذْبَحَ غَيْرَهَا في أَيَّامِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |