الطريق إلى تقوية الإيمان

404 - الطريق إلى تقوية الإيمان

10-07-2007 2 مشاهدة
 السؤال :
مَا هُوَ الطَّرِيقُ إلى تَقْوِيَةِ الإِيمَانِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 404
 2007-07-10

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فَالطَّرِيقُ إلى تَقْوِيَةِ الإِيمَانِ يَكُونُ بِمَا يَلِي:

أَوَّلُا: تِلَاوَةُ القُرْآنِ العَظِيمِ وَسَمَاعُهُ مِنَ الآخَرِينَ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾.

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ القُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ، لِذَلِكَ طَلَبَ مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يَقْرَأَ لَهُ، فَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ».

قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟

قَالَ: «فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي».

فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: 41] قَالَ: «أَمْسِكْ». فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ

ثَانِيًا: تَرْكُ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ، وَخَاصَّةً الكَبَائِرَ، لِأَنَّ المَعَاصِيَ تُظْلِمُ القَلْبَ وَتُسَوِّدُهُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِنْ تَابَ صُقِلَ مِنْهَا، فَإِنْ عَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْظُمَ فِي قَلْبِهِ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾». رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ.

فَالذَّنْبُ يُظْلِمُ القَلْبَ وَيُسَوِّدُهُ، وَظُلْمَةُ القَلْبِ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ تُضْعِفُ الإِيمَانَ.

ثَالِثًا: فِعْلُ الطَّاعَاتِ وَالإِكْثَارُ مِنَ النَّوَافِلِ، لِأَنَّ الطَّاعَاتِ تَزِيدُ في الإِيمَانِ، بِسَبَبِ النُّورِ الذي تُورِثُهُ في القَلْبِ، وَالنَّوَافِلُ تَجْعَلُ العَبْدَ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ تعالى، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ الذي يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ.

وَالعَبْدُ المَحْبُوبُ عِنْدَ اللهِ يَتَوَلَّاهُ اللهُ تعالى وَيَرْبِطُ عَلَى قَلْبِهِ، كَمَا قَالَ تعالى في حَقِّ هَؤُلَاءِ الفِتْيَةِ: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾.

رَابِعًا: الصُّحْبَةُ الصَّالِحَةُ وَمُجَالَسَةُ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ، لِأَنَّ الصَّاحِبَ يَتَأَثَّرُ مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَدْ رَوَى الإِمَامَانِ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً».

وَمُجَالَسَةُ العُلَمَاءِ تَزِيدُ في الإِيمَانِ، فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ ـ وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟

قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ.

قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا تَقُولُ؟

قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا ذَاكَ؟».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ».

خَامِسًا: كَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ، فَالاسْتِغْفَارُ يَجْلُو ظُلْمَةَ الأَوْزَارِ، وَكَثْرَةَ الدُّعَاءِ تُحَقِّقُ لَكَ بِإِذْنِ اللهِ مَا تُرِيدُ، فَاطْلُبْ لَنَا وَلَكَ مِنْ رَبِّنَا أَنْ يَزِيدَ في إِيمَانِنَا. اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِذَلِكَ.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  سنن وآداب نبوية

 السؤال :
 2022-10-10
 600
إِذَا رَأَيْتُ صَدِيقًا لِي عَلَيْهِ ثِيَابٌ جَدِيدَةٌ، فَهَلْ مِنْ دُعَاءٍ مَسْنُونٍ أَقُولُهُ لَهُ؟
رقم الفتوى : 12228
 السؤال :
 2020-04-22
 4971
هَلْ صَحِيحُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ دَفْنُ أَظْفَارِ الإِنْسَانِ بَعْدَ قَصِّهَا؟
رقم الفتوى : 10322
 السؤال :
 2019-01-22
 1277
ما هي آداب الطعام التي دعانا إليها سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
رقم الفتوى : 9409
 السؤال :
 2019-01-22
 3389
هل صحيح أن الكلام على الطعام لا يجوز شرعاً؟
رقم الفتوى : 9408
 السؤال :
 2018-07-28
 19103
هل صحيح بأنه من السنة إعادة السلام ثانية، إذا خرج الإنسان من المجلس وعاد إليه، أو حال بين الرجلين جذع شجرة؟
رقم الفتوى : 9051
 السؤال :
 2018-01-28
 8323
ورد في الحديث الـشريف أن نتف شعر الإبط من سنن الفطرة، والفقهاء يقولون: إنه يصح الحلق؛ ألا يستفاد من الأحاديث أن إزالة شعر الإبط حـصراً يجب أن يكون بالنتف؟
رقم الفتوى : 8639

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414421035
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :