الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَولُ الرَّجُلِ: عَلَيَّ الطَّلاقُ لا أقرَبُكِ سَنَةً كَامِلَةً هوَ إيلاءٌ، وهذا ظُلمٌ للزَّوجَةِ، ويُوجِبُ الـشَّرعُ عَلَيهِ أن يَرجِعَ إلى مُعاشَرَةِ زَوجَتِهِ، أو أن يُطَلِّقَها، قال تعالى: ﴿لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاؤُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيم * وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيم﴾.
ونَصَّ الفُقَهاءُ على أنَّ الرَّجُلَ إذا عَلَّقَ على القُربانِ طَلاقاً، فالطَّلاقُ يَقَعُ وَقتَ حُصولِ الفَيْءِ، لأنَّ الطَّلاقَ متى عُلِّقَ حُصولُهُ على حُصولِ أمرٍ في المُستَقبَلِ، وَوُجِدَ المُعَلَّقُ عَلَيهِ، وَقَعَ الطَّلاقُ.
وبناء على ذلك:
فَيَجِبُ على هذا الرَّجُلِ أن يَتَرَاجَعَ عن يَمينِهِ قَبلَ مُضِيِّ أربَعَةِ أشهُرٍ، فإن مَضَت أربَعَةُ أشهُرٍ ولم يُعاشِرْ زَوجَتَهُ وَقَعَ الطَّلاقُ عَلَيها عِندَ الحَنَفِيَّةِ، وإن عاشَرَها قَبلَ ذلكَ كذلكَ يَقَعُ الطَّلاقُ عَلَيها لِأَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَن لَا يَقْرَبَهَا قَبْلَ سَنَةٍ، ويَحِلُّ لهُ أن يُرَاجِعَها إذا عاشَرَها قَبلَ مُضِيِّ الأشهُرِ الأربَعَةِ، إذا لم يَكُنْ هذا مَسبوقاً بِطَلاقَينِ.
أمَّا إذا لم يُعاشِرْها إلا بَعدَ مُضِيِّ أربَعَةِ أشهُرٍ، فإنَّ الطَّلاقَ يَقَعُ بائِناً عِندَ الحَنَفِيَّةِ، ويَجِبُ عَلَيهِ أن يُجَدِّدَ العَقْدَ عَلَيها إذا لم يَكُنْ مَسبوقاً بِطَلاقَينِ، وإلا حَرُمَت عَلَيهِ حتَّى تَنكِحَ زَوجاً غَيرَهُ هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
