الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: روى الإمام البخاري عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ، وَنَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله.
فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ.
فَلَمَّا رَآهُمْ قَدْ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ وَقَالَ: «لَا أَلْبَسُهُ أَبَداً».
ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَماً مِنْ فِضَّةٍ.
فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الْفِضَّةِ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَلَبِسَ الْخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسَ.
ثانياً: اِختَلَفَ الفقَهاءُ في مَوضِعِ التَّخَتُّمِ، فَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إلى أنَّ مَوضِعَ التَّخَتُّمِ للرَّجُلِ في خِنصِرِ يَدِهِ اليُسرَى.
وقالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَجوزُ للرَّجُلِ لُبسُ خَاتَمِ الفِضَّةِ في خِنصِرِ يَمينِهِ، وإن شاءَ في خِنصِرِ يَسارِهِ.
وكِلاهُما صَحَّ فِعلُهُ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فقد جاءَ في صَحيحِ الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ؛ وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى.
وروى الترمذي عَن الصَّلْتِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ نَوْفَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ، وَلَا إِخَالُهُ إِلَّا قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ.
وروى الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ، فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ.
وبناء على ذلك:
فقد ثَبَتَ في الحَديثِ الصَّحيحِ بأنَّ سَيِّدَنا رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خاتَمَ الفِضَّةِ، وكذلكَ ثَبَتَ أنَّهُ لَبِسَهُ في خِنصِرِ يَدِهِ اليُسرَى، وفي خِنصِرِ يَدِهِ اليُمنَى، لكنَّ الصَّحيحَ المَشهورَ أنَّهُ في اليَمينَ أفضَلُ، لأنَّهُ زِينَةٌ، واليَمينُ أشرَفُ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
