الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن إسقاط الحمل الذي بلغ من العمر أكثر من أربعة أشهر يعد اعتداء على كائن حي، فتجب الدية على المباشر ـ يعني على القابلة ـ، وعند جمهور الفقهاء تجب عليها الكفارة، وهي صيام شهرين متتابعين، ولا تجب عليها عند الحنفية. أما بالنسبة للدية لمن تدفع في هذه الحالة؟ فقد ذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى ثبوت التوارث بين ولد الزنى وبين أمه، فإذا مات ورثته أمه وأقرباؤها، وهو يرث من أمه وأقربائها، لأن صلته بأمه مؤكدة لا مجال للشك فيها، وثبوت الجزئية يؤدي إلى ثبوت التوارث. وإذا كان له أخ أو أخت من أم فله السدس، لقوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس}. وإذا كان له إخوة ذكوراً أو إناثاً، وكانوا أكثر من واحد، فلهم الثلث يقسم بينهم بالسوية، ويصيبهم لا يزيد على الثلث، لقوله تعالى: {فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث}. وبناء على ذلك: فالدية الواجبة على عاقلة الطبيبة تدفع للأم بكاملها، لأن القتل بالتسبب لا يمنع المتسبب من الميراث، وفي حال اجتماع المتسبب والمباشر، فإن الدية تكون على المباشر. والمتسبب إذا كان وارثاً فإنه يرث من المقتول. وإن كان له أخ أو أخت من الأم فله السدس، وإن كانوا أكثر من ذلك فلهم الثلث بالتساوي، والباقي للأم. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
