الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ.
فَإِذَا نَهَى عَنِ السَّفَرِ بِالقُرْآنِ إلى أَرْضِ العَدُوِّ؛ فَتَمْكِينُ الكَافِرِ مِنْهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.
وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ سَبِيلَاً﴾. فَإِذَا كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَجْعلْ للكَافِرِينَ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ سَبِيلَاً، فَعَلَى القُرْآنِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
وَلِهَذَا اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أَنَّ بَيْعَ المُصْحَفِ لِكَافِرٍ مَمْنُوعٌ، وَصَرَّحَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ بِالحُرْمَةِ، وَقَالُوا: يَحْرُمُ على المَالِكِ أَنْ يَبِيعَ مُصْحَفَاً أَو جُزْأَهُ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، لِأَنَّ فِيهِ امْتِهَانُ حُرْمَةِ الإِسْلَامِ بِمِلْكِ المُصْحَفِ.
وبناء على ذلك:
فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ المُصْحَفِ لِكَافِرٍ، نَصْرَانِيٍّ أَو غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. وَالكَافِرُ لَيْسَ مَأْمُونَ الجَانِبِ مَعَ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ يَصُونُهُ وَقَدْ يَهْدِيهِ إِلَى الإِسْلَامِ فَيَجُوزُ. هذا، واللّٰه تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |