هل سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أول الخلق؟

7751 - هل سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أول الخلق؟

16-12-2016 2180 مشاهدة
 السؤال :
هناك بعض الناس يعتقدون أن سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هو أول الخلق، والمعلوم عند الجميع أن أول الخلق هو سيدنا آدم عليه السلام، فما صحة اعتقاد هؤلاء الناس؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7751
 2016-12-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: جَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الذي رواه الإمام أحمد والحاكم والطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَخْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: مَتَى كُنْتَ نَبِيَّاً؟

قَالَ: «وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ».

يَقُولُ التَّقِيُّ السَّبْكِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: النُّبُوَّةُ وَصْفٌ، لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ المَوْصُوفُ بِهِ مَوْجُودَاً، وَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ بُلُوغِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَيْضَاً؛ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ وَقَبْلَ إرْسَالِهِ؟ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَغَيْرُهُ كَذَلِكَ.

قُلْتُ: قَدْ جَاءَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ؛ فَقَدْ تَكُونُ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: «كُنْتَ نَبِيَّاً»  إلَى رُوحِهِ الشَّرِيفَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَى حَقِيقَتِهِ؛ وَالْحَقَائِقُ تَـقْصُرُ عُقُولُنَا عَنْ مَعْرِفَتِهَا وَإِنَّمَا يَعْلَمُهَا خَالِقُهَا، وَمَنْ أَمَدَّهُ بِنُورٍ إلَهِيٍّ.

ثانياً: روى الطَّبَرَانِيُّ في مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ، وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ».

ثالثاً: روى البَزَّارُ في حَدِيثِ الإسْرَاءِ الطَّوِيلِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَبِّ العِزَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: «وَجَعَلْتُكَ أَوَّلَ النَّبيِّينَ خَلْقَاً، وَآخِرَهُمْ بَعْثَاً، وَأَعْطَيْتُكَ سَبْعَاً مِن المَثَانِي، وَلَمْ أُعْطِ نَبِياً قَبْلَكَ، وَأَعْطَيْتُكَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ أُعْطِهَا نَبِيَّاً قَبْلَكَ، وَجَعَلْتُكَ فَاتِحَاً وَخَاتمَاً».

وَيَقُولُ العَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ في كِتَابِهِ فَيْضِ القَدِيرِ شَرْحِ الجَامِعِ الصَّغِيرِ: جَعَلَهُ اللهُ حَقِيقَةً تَقْصُرُ عُقُولُنَا عَنْ مَعْرِفَتِهَا، وَأَفَاضَ عَلَيْهَا وَصْفَ النُّبُوَّةِ مِنْ ذَلِكَ الوَقْتِ، ثمَّ لَمَّا انْتَهَى الزَّمَانُ بِالاسْمِ البَاطِنِ في حَقِّهِ إلى وُجُودِ جِسْمِهِ وَارْتِبَاطِ الرُّوحِ بِهِ انْتَقَلَ حُكْمُ الزَّمَانِ إلى الاسْمِ الظَّاهِرِ فَظَهَرَ بِكُلِّيَّتِهِ جِسْمَاً وَرُوحَاً.

 وبناء على ذلك:

فَالاعْتِقَادُ بِأَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلَ الخَلْقِ ـ إِمَّا في خَلْقِ الرُّوحِ، وَإِمَّا في حَقِيقَةٍ لَا تُدْرِكُهَا عُقُولُنَا ـ فَصَحِيحٌ بِنَاءً على هَذِهِ الأَحَادِيثِ التي ذَكَرْنَاهَا.

وَلَيْسَ المَقْصُودُ بِذَلِكَ الأَوَّلِيَّةَ على جَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ، لِأَنَّهُ جَاءَ أَنَّ أَوَّلَ المَخْلُوقَاتِ القَلَمُ، روى الترمذي وَأبو داود عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمَ».

وَكَانَ سَيِّدُنَا آَدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ خَلْقِ اللهِ تعالى مِنْ عَالَمِ الإِنْسِ في عَالَمِ الأَجْسَادِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2180 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2023-03-25
 888
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ بَعْضِ طُلَّابِ العِلْمِ مَنْ يَقُولُ: اليَهُودُ وَالنَصَارَى يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَهَذَا مَا ثَبَتَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، فَهَلْ كَلَامُهُ صَحِيحٌ؟
 السؤال :
 2023-02-06
 649
مَا هُوَ الفَارِقُ بَيْنَ العَقْلِ وَالقَلْبِ، وَأَيْنَ مَحَلُّ العَقْلِ مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ؟
 السؤال :
 2022-12-25
 6090
إِذَا كَانَتِ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ صَائِمَةً وَمُصَلِّيَةً، إِلَّا أَنَّهَا مُتَبَرِّجَةٌ، فَهَلْ تَكُونُ مِنَ الخَالِدِينَ في النَّارِ بِسَبَبِ تَبَرُّجِهَا وَغِوَايَتِهَا؟
 السؤال :
 2022-12-25
 588
هَلْ دُخُولُ الجَنَّةِ بِالفَضْلِ أَمْ بِالعَمَلِ؟ فَإِنْ كَانَ بِالفَضْلِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 562
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الإِنْسَانَ المُؤْمِنَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ يَرَى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2022-09-02
 272
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ قَرِيبٍ عَنِ الدَّعْوَةِ إلى الدِّيَانَةِ الإِبْرَاهِيمِيَّةِ، فَمَا هِيَ هَذِهِ الدِّيَانَةُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414291794
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :