﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً﴾

7776 - ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً﴾

31-12-2016 5859 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرَاً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدَاً﴾. لماذا قدم الصغيرة على الكبيرة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7776
 2016-12-31

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾. فِيهِ تَنْبِيهٌ مِنَ اللهِ تعالى لِلْعَبْدِ المُؤْمِنِ بِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مَحْصِيٌّ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ أَنْ يَتَنَبَّهَ إلى أَنَّ الصَّغِيرَةَ التي يَظُنُّ أَنَّ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَلَا أَثَرَ، مَحْصِيَّةٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الكَبَائِرِ، لِأَنَّ العَبْدَ مَا وَقَعَ في الكَبَائِرِ إِلَّا بَعْدَ اسْتِهَانَتِهِ بِالصَّغَائِرِ، وَنَسِيَ بِأَنَّهُ لَا صَغِيرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ، وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ الاسْتِغْفَارِ.

وَهَذَا مِصْدَاقُ قَوْلِهِ تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾. وَمِصْدَاقُ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾.

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ، نَزَلْنَا قَفْرَاً مِنَ الْأَرْضِ، لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اجْمَعُوا، مَنْ وَجَدَ عُودَاً فَلْيَأْتِ بِهِ، وَمَنْ وَجَدَ عَظْمَاً أَوْ شَيْئَاً فَلْيَأْتِ بِهِ».

قَالَ: فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً حَتَّى جَعَلْنَاهُ رُكَامَاً.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرَوْنَ هَذَا، فَكَذَلِكَ تَجْتَمِعُ الذُّنُوبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْكُمْ كَمَا جَمَعْتُمْ هَذَا، فَلْيَتَّقِ اللهَ رَجُلٌ، فَلَا يُذْنِبْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً، فَإِنَّهَا مُحْصَاةٌ عَلَيْهِ».

وبناء على ذلك:

فَتَقْدِيمُ ذِكْرِ الصَّغِيرَةِ على الكَبِيرَةِ حَتَّى لَا يَسْتَهِينَ العَبْدُ بِفِعْلِ الصَّغَائِرِ، فَكُلُّ شَيْءٍ مَحْصِيٌّ عَلَيْهِ، قَالَ تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرَاً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَهُ﴾.

فَالإِحْصَاءُ على العَبْدِ حَاصِلٌ لِكُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، وَهَذَا مِصْدَاقُ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامَاً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾.

وَمَا اجْتَرَأَ العَبْدُ على فِعْلِ الكَبِيرَةِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ هَانَتْ عَلَيْهِ الصَّغَائِرُ، وَالمُهِمُّ أَنْ يَعْلَمَ العَبْدُ بِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مَحْصِيٌّ عَلَيْهِ ﴿أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ﴾. ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابَاً يَلْقَاهُ مَنْشُورَاً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبَاً﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5859 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 245
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1447
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 633
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1687
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 959
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414340371
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :