﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾

8044 - ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾

13-05-2017 1730 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تفسير قول الله عز وجل: ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8044
 2017-05-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ وَرَدَ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ سَيِّدَنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا عَلَى قَوْمِهِ عِنْدَمَا نَكَلُوا عَنِ القِتَالِ، وَقَالُوا لِسَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾.

فَدَعَا عَلَيْهِمْ قَائِلَاً: ﴿رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَـفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾.

فَقَالَ تعالى: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾. فَوَقَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ في التِّيهِ، يَسِيرُونَ دَائِمَاً، لَا يَهْتَدُونَ للخُرُوجِ مِنْهُ.

وَكَانَتْ فِيهِ أُمُورٌ عَجِيبَةٌ، وَخَوَارِقُ كَثِيرَةٌ، مِنْ تَظْلِيلِهِمْ بِالغَمَامِ، وَإِنْزَالِ المَنِّ وَالسَّلْوَى عَلَيْهِمْ، وَمِنْ إِخْرَاجِ المَاءِ الجَارِي مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ تُحْمَلُ مَعَهُمْ عَلَى دَابَّةٍ، فَإِذَا ضَرَبَهَا مُوسَى بِعَصَاهُ انْفَجَرَتْ مِنْ ذَلِكَ الحَجَرِ اثْنَتَا عَـشْرَةَ عَيْنَاً تَجْرِي لِكُلِّ شِعْبٍ عَيْنٌ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ اللُه بِهَا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ.

وَيَقُولُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾.

قَالَ: فَتَاهُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، يُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ يَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ، ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ المَنَّ وَالسَّلْوَى؛ وَهَذَا قِطْعَةٌ مِنْ حَدِيثِ الْفُتُونِ.

ثُمَّ كَانَتْ وَفَاةُ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ بَعْدَهُ بِمُدَّةِ ثَلَاثِ سِنِينَ مَاتَ مُوسَى الْكِلِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَقَامَ اللهُ فِيهِمْ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَبِيَّاً خَلِيفَةً عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، وَمَاتَ أَكْثَرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ هُنَاكَ فِي تِلْكَ المُدَّةِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ سِوَى يُوشَعَ وَكَالِبَ، وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ في قَوْلِهِ: ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ﴾. هَذَا وَقْفٌ تَامٌّ، وَقَوْلِهِ: ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾. مَنْصُوبٌ بِقَوْلِهِ: ﴿يَتِيهُونَ في الأَرْضِ﴾.

فَلَمَّا انْقَضَتِ المُدَّةُ خَرَجَ بِهِمْ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْ بِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَبِسَائِرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْجِيلِ الثَّانِي، فَقَصَدَ بِهِمْ بَيْتَ المَقْدِسِ فَحَاصَرَهَا، فَكَانَ فَتْحُهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ.

فَلَمَّا تَضَيَّفَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ وَخَشِيَ دُخُولَ السَّبْتِ عَلَيْهِمْ قَالَ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ؛ فَحَبَسَهَا اللهُ تَعَالَى حَتَّى فَتَحَهَا وَأَمَرَ اللهُ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ أَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ يَدْخُلُونَ بَيْتَ المَقْدِسِ أَنْ يَدْخُلُوا بَابَهَا سُجَّدَاً، وَهُمْ يَقُولُونَ حِطَّةٌ، أَيْ حُطَّ عَنَّا ذُنُوبَنَا، فَبَدَّلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ، وَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ (مَقَاعِدِهِم)، وَهُمْ يَقُولُونَ: حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1730 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 248
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1447
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 633
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1688
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 962
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414348789
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :